فلسطين الحاضرة دوماً
عناية ناصر
حدد الرئيس بشار الأسد توجّهات حزب البعث المستقبلية في مواجهة التحديات الداخلية والقضايا الإقليمية والدولية في خطابه أمام اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، حيث كانت محددات الرؤية السورية في خطاب الرئيس بشار الأسد للأحداث في الإقليم والعالم مهمة جداً ثبت من خلالها موقع سورية الإقليمي، والتمسك بدورها التاريخي المنحاز للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
تحدث الأسد عن عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، ولكن بشكل لم يسبق له مثيل على الإطلاق منذ احتلال فلسطين عام ١٩٤٨، بعد أن اتضحت اليوم عدالة هذه القضية على مستوى العالم، وانكشفت حقيقة الكيان لصهيوني الإجرامية بالنسبة لمعظم العالم، وتراجع الدعم العالمي الذي حظيت به “إسرائيل” على مستوى العالم منذ توقيع اتفاقيات “أوسلو”.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الحرب على غزة كشفت الحقائق المسكوت عنها، كما أنها فضحت حقيقة الكثير من الأنظمة الغربية، وميزت بين المواقف الحقيقية والشكلية، والصادق من المنافق، وجعلت الموقف من القضية الفلسطينية هو المرجع في تقييم تلك المواقف، حيث كانت مرآة غزة الكاشفة لما حل بثقافة الاقتداء بالغرب في الوطن العربي وفي سورية.
وأوضح الرئيس الأسد أن الحرب على غزة أظهرت تدهور صورة المنظومة الغربية أولاً على مستوى العالم، لكن الأهم من ذلك أن هذه الصورة بدأت تتدهور عند المواطنين الغربيين أنفسهم الذين كانوا يؤمنون بالمبادئ التي تقوم عليها هذه المنظومة ليكتشفوا اليوم أن حقيقة المبادئ تلك مبنية على الكذب والنفاق والخداع،خداع شعوبهم أولاً قبل الشعوب الأخرى في العالم.
لقد أكد الرئيس الأسد على ثبات الموقف السوري تجاه القضية الفلسطينية منذ عام 1948، مشدداً على أن سورية رغم كل الظروف التي مرت بها تاريخياً لم تتنازل عن القضية الفلسطينية، وأن لا شيء يبدل موقفنا أو يزيحه مقدار شعرة، وكل ما يمكن لنا أن نقدمه ضمن إمكانياتنا للفلسطينيين أو لأي مقاوم ضد الكيان الصهيوني سنقوم به دون أي تردد، لأن الأحداث أثبتت أن من لا يمتلك قراره لا أمل له بالمستقبل، ومن لا يمتلك القوة لا قيمة له في هذا العالم، ومن لا يقاوم دفاعاً عن الوطن فلا يستحق وطناً بالأساس.
مبيناً أن ما يحدث الآن في غزة من همجمية وجرائم وحشية لم يحول فلسطين إلى قوة إقليمية، بل إلى قوة عالمية حقيقية فرضت نفسها اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً، موضحاً أنهم تمكنوا من تحقيق ذلك لأن فكر العمالة لم ينتشر، ولأن عقيدة الهزيمة لم تزدهر عندهم.
إن مواقف سورية تجاه فلسطين والقضايا العربية ليست جديدة، وتبرز أهمية ما جاء في خطاب الرئيس الأسد اليوم أنه جاء بعد الحرب الطاحنة على سورية، وفي ظل الحصار الاقتصادي الخانق الذي أمل البعض في أن تكون لنتائجه تأثيراً في مواقف سورية، لكن سورية بقيت هي سورية.