دراساتصحيفة البعث

معدّل غير مسبوق لجرائم الإبادة..

سمر سامي السمارة

أكّد تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي صدر مؤخراً، أن معدّل المدنيين الذين استشهدوا نتيجة العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة بات غير مسبوق، ومع ذلك تمضي “إسرائيل” قدماً بعدوانها البري على مدينة رفح المكتظة في قطاع غزة.

وحسب مدير مكتب المنظمة في فلسطين عمر شاكر، فإن الأمر لا يقتصر على غزة فحسب، فقد توصل التقرير إلى أن عدد الفلسطينيين الذين استُشهدوا في العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية في عام 2023 أكثر من ضعف العدد في أي عام منذ بدء الأمم المتحدة بجمع البيانات في عام 2005.

وتظهر الأرقام التي وثقتها المنظمة، أن معدل جرائم الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال  في الضفة الغربية كان أعلى خلال الربع الأول من عام 2024، ففي عام 2023، وصل عدد الشهداء إلى 492 فلسطينياً في الضفة الغربية، من بينهم 120 طفلاً، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2024، أدّى العدوان الإسرائيلي إلى استشهاد 131 فلسطينياً في الأراضي المحتلة.

كذلك وثقت المنظمة استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة القاتلة في عمليات إطلاق النار على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك إعدام الفلسطينيين عمداً دون أن يشكّلوا أي تهديد.

وفي إحدى الحالات التي دققتها هيومن رايتس ووتش، وجدت أن قوات الاحتلال قتلت بالرصاص طه محاميد البالغ من العمر 15 عاماً ووالده إبراهيم، عند مدخل مخيم للاجئين في الضفة الغربية، ثم قام جيش الاحتلال بعرقلة سيارات الإسعاف أثناء محاولتها الوصول إلى طه وإبراهيم، وأضافت المنظمة: إن القوات الإسرائيلية درجت على اتخاذ مواقع داخل وفوق المباني في المخيم لتوفير غطاء لقواتها للدخول.

من جهته، قال الباحث الأول في الأزمات والنزاعات في المنظمة ريتشارد وير: إن قوات الاحتلال الإسرائيلية لا تقتل الفلسطينيين بشكل غير قانوني في غزة فحسب، بل تقتلهم دون أساس قانوني في الضفة الغربية، بما يشمل تعمّد إعدام فلسطينيين لم يشكّلوا أي تهديد مفترض، وأضاف: إن عمليات القتل هذه تحدث على مستوى غير مسبوق في بيئة لا تخشى فيها القوات الإسرائيلية أن تحاسبها حكومتها، فممارسات الحكومة الإسرائيلية المتساهلة والتمييزية بشأن استخدام القوة وتفشّي الإفلات من العقاب هي أحد جوانب الفصل العنصري والعنف الهيكلي الذي يواجهه الفلسطينيون كل يوم، وستستمر عمليات القتل غير القانوني في الضفة الغربية طالما القمع المنهجي الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين متواصل.

وأكد وير، أن عمليات القتل غير القانوني المتكرّرة والإفلات المستشري من العقاب هي من بين الأعمال غير الإنسانية التي تشكّل الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد.

منذ بدء العدوان على غزة، تصاعدت أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث استهدف المستوطنون والجنود المدنيين العزل، ما أدّى فعلياً إلى محو مجتمعات بأكملها من الخريطة.

ونوّه التقرير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك أعضاء رئيسيون في حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، يشجّعون الجنود والشرطة على قتل الفلسطينيين دون أن يشكّل هؤلاء الفلسطينيون أيّ تهديد، وأشارت المنظمة إلى أنه “في تشرين الأول عام 2022، قال ما يسمّى وزير الأمن القومي الحالي، إيتمار بن غفير، أثناء ترشحه للانتخابات: يجب أن يتم استخدام القوة المميتة ضد أي شخص يرشق الحجارة.

جدير بالذكر أن استجابة الولايات المتحدة، أكبر حليف “لإسرائيل” وموردها للأسلحة، كان ضئيلاً حيال ما ترتكبه الأخيرة من أعمال عنف مميتة وجرائم جماعية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، فقد خلصت وزارة خارجية بايدن مؤخراً إلى أن خمس وحدات عسكرية “إسرائيلية” على الأقل مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكنها رفضت حتى الآن فرض عقوبات عليها، ما يسمح للوحدات بمواصلة تلقي المساعدات الأمريكية.

وخلص التقرير إلى أنه يتوجّب على “الحكومات أن تعلق فوراً إرسال الأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري لـ”إسرائيل” بسبب خطر حدوث مضاعفات للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها في فلسطين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان المساءلة، بما في ذلك دعم التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الخطيرة المرتكبة في فلسطين، وفرض عقوبات ضد المسؤولين عن تلك الانتهاكات.