مجالس الأعمال في الميزان التجاري!
حسن النابلسي
لعلّ أفضل معيار لتقييم أداء مجالس الأعمال هو مدى نشاطها بالتصدير، وكيفية اشتغالها على انسياب المنتجات المدموغة بـ “صُنع في سورية” إلى أسواق الدول غير الصديقة قبل الصديقة!
فمن صحت صادراته، صحت تجارته، وصحّ تبوؤه في المجلس، سواء أكان رئيساً له أم عضواً!
وفي وقت تشير فيه بعض البيانات الرسمية إلى أن الصادرات السورية – بغضّ النظر عن كمياتها – تصل إلى عشرات الدول حول العالم، نجد أن بعض مجالس الأعمال المعنية بتعزيز التبادل التجاري (استيراداً وتصديراً) مع الأصدقاء لا يزالون يولون الاهتمام للاستيراد دون التصدير، وإذا ما حاولوا الاشتغال بالتصدير فإنهم يقتصرون على تصدير الفائض من الإنتاج، بغضّ النظر عن جودته ومواصفاته من جهة، ومدى ملاءمته لعادات وأذواق المستهلكين في الدول المستهدفة من جهة ثانية، وهذا يعني أنهم يتعاملون بردّة الفعل لا بروح المبادرة التي تقتضي زج كل الإمكانيات لتربع المنتجات السورية في الأسواق الخارجية.
“الأسف الشديد” هو ما يستحضرنا في هذا السياق لعدم تحقيق اتحاد غرف التجارة السورية ما كان يصبو إليه بإحداثه “الغرفة السورية الإيرانية” والتي عُوّل عليها فتح منفذ تصديري مهمّ إلى إيران، لكن الواقع لم يكن كما أُريدَ لها أن تكون، إذ لم تفلح الغرفة بالتصدير إلى إيران أبداً، فجلّ اهتمامها منصبّ على الاستيراد من هذا البلد الصديق، الذي تمّ إبرام عديد الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية معه، والنتيجة هي صفر صادرات، ونعتقد أن مردّ هذا الأمر هو مصالح المستوردين واستفادتهم مما بات يعرف “صفر جمارك مع إيران”، إذ إن التجار الإيرانيين استفادوا من هذا “الصفر”، بينما تجارنا لم يبالوا به واستساغوا الاشتغال بالاستيراد، مع الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد مثل هذه الاتفاقية مع بقية الأصدقاء، لا مع الصين ولا مع روسيا، وهذا ربما يؤكد تغلب المصالح الشخصية.
وإذا كان هناك شكّ بجودة ما يُصدّر من منتجات سورية، فإن ذلك سرعان ما يُدحض إذا ما علمنا أن الصادرات السورية تصل حالياً إلى عديد من دول أوربا وأمريكا وكندا والخليج، وهي دول متشدّدة بالمواصفات أكثر من إيران.
ما نودّ التركيز عليه هو أن الطرف الفاعل في العملية التجارية بالنهاية هو المصدّرون، أي أن التعامل سيكون من تاجر إلى تاجر، وهنا يقع على عاتق مجالس الأعمال توطيد علاقاتهم من نظرائهم في الأسواق المستهدفة، وفق رؤية تقوم على تبادل المصالح قدر المستطاع!.
بالمحصلة.. لا يزال التصدير – للأسف – مغيباً عن قاموس معظم تجارنا كمكون أساسي في العملية التجارية القائمة على الاستيراد والتصدير، إذ إنهم استساغوا الأول نظراً لعدم ما يتطلبه من جهد مقارنة بالثاني الذي يتطلب مهارات تجارية تعكس حقيقة التاجر الحريص على ولوج الأسواق العالمية… وإذا ما حاججناهم بهذا الأمر سرعان ما يتذرّعون بـ “تأمين احتياجات البلاد الواقعة تحت حصار خانق”، متجاهلين أن تفعيل التصدير كفيل بتحريك الإنتاج وأنه مورد أكثر من مهمّ للقطع الأجنبي!
وأخيراً.. تجدر الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد هي المعنية بمتابعة أداء المجالس، بينما المسؤول عن الغرفة السورية الإيرانية هو اتحاد غرف التجارة السورية، وكان الهدف من إنشائها تعزيز التبادل التجاري مع إيران، استيراداً وتصديراً، وليس استيراداً فقط خدمة للبعض!!