اقتصادصحيفة البعث

استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يرفع أسعار الذهب عالمياً

البعث- وكالات

سجّلت العقود الفورية للذهب أعلى مستوى تاريخي متجاوزة المستوى السابق المسجل في آب 2020، ويرى المحلّلون أن تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما خلفه من توترات في المنطقة والعالم، لعب دوراً مهماً في دعم المعدن الأصفر، وذلك إلى جانب عوامل أخرى.

ويعود ارتفاع سعر الذهب عالمياً إلى عدة عوامل رئيسية، من أبرزها استمرار العدوان الذي تشنّه إسرائيل على قطاع غزة منذ شهرين وما سبّبه من توترات ليس على مستوى الإقليم، وإنما على مستوى العالم، حيث تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية اقتصادية كبيرة، بسبب غناها بالنفط والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إشرافها على ممرات مائية مهمّة أبرزها قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز.

أما دخول جماعة الحوثي في اليمن على خط الأزمة وتهديد السفن الإسرائيلية أو من يتعامل مع إسرائيل، فقد أذكى المخاوف العالمية وتهديد الملاحة عبر باب المندب إلى جانب مخاوف توسّع الحرب إلى إقليمية، ومن ثم قفزت أسعار الذهب، كما أن التوتر لا يزال قائماً بين إسرائيل والمقاومة في جنوب لبنان وعلى رأسها حزب الله، فلا يكاد يمرّ يوم إلا وتقع هجمات متبادلة على جانبي الحدود.

والاضطرابات تخلق عادة مستثمرين جدداً يحاولون اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن، لكنهم يرون أن المعدن الأصفر لن يكون الملاذ الآمن بشكل دائم، ويتوقعون ارتفاع السعر بشكل كبير في حال وقوع السيناريو الأسوأ وهو دخول إيران طرفاً مباشراً في الصراع.

وإلى جانب مخاوف الاقتصاد العالمي من الآثار المرتبطة بتوترات الشرق الأوسط، فإن هناك معطيات أخرى دفعت بالمعدن الأصفر للصعود، منها تراجع الدولار، وعودة البنوك المركزية لطلب متسارع على الذهب وخلال الشهور الـ11 الماضية، بلغ متوسط سعر أونصة الذهب 1890 دولاراً، مقارنة مع متوسط 1830 دولاراً في 2022. وعمدت البنوك المركزية إلى زيادة الطلب على الذهب خلال الربع الأخير من العام الجاري، مقارنة مع الأرباع الثلاثة الأولى من العام، وهو ما أعطى دفعة جيدة لأسعار الذهب، فضلاً عن أن أحد المحركات الكبيرة للذهب، هو الطلب من المستهلكين الأثرياء في الأسواق الناشئة، وخاصة من جانب الهند، بحسب تقرير أوردته وكالة “بلومبرغ”، ويشير تقرير الوكالة كذلك إلى توجّه تقليص الاعتماد على الدولار من قبل العديد من الدول، إلى جانب احتمالية قيام الصين بشراء الذهب كوسيلة للتنويع بعيداً عن السندات الحكومية الأميركية، وهو ما أدّى لدعم أسعار الذهب.

ورغم تراجع معدلات التضخم عالمياً، بعد زيادات حادة على أسعار الفائدة عالمياً، فإن العديد من المستهلكين ما زالوا يشعرون بالغلاء، إذ يعانون من ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة. وأدى ذلك، إلى زيادة الاهتمام باستثمارات الذهب، حيث يُعتبر وسيلة تحوط ذكية ضد التضخم ووسيلة جيدة لحماية الثروة في الأوقات الاقتصادية المضطربة.

وأسعار الذهب أعلى بكثير مما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط، إذ ارتفعت من نحو 1200 دولار للأونصة في تشرين الأول 2018 إلى أكثر من 2100 دولار للأونصة قبل أول أمس الاثنين، كذلك أدى هبوط مؤشر الدولار بنسبة 3.4% في تشرين الثاني الماضي، إلى تحفيز الطلب على الذهب، وانتقال المستثمرين من الصناديق المقومة بالعملة الأميركية إلى الصناديق المقومة بالمعدن الأصفر.

ويعود تراجع مؤشر الدولار إلى توقعات الأسواق وانتهاء رحلة التشديد النقدي من جانب البنوك المركزية بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، الذي رفع أسعار الفائدة 11 مرة منذ مارس/آذار 2022، لتستقر عند مستوى 5.5%.

ومن الأسباب الأخرى الداعمة لأسعار الذهب، استمرار الحرب في أوكرانيا، وكذلك استمرار التوتر بين الصين والولايات المتحدة.