ثقافةصحيفة البعث

“الطّباعة والنّشر المشترك”.. مشروع جديد لتعزيز العلاقات الثّقافية السّورية ـ العراقية

نجوى صليبه

وصلت إلى أيدينا، مؤخراً، أولى نتائج مشروع الطّباعة والنّشر المشترك بين اتّحاد الكتّاب العرب  في سورية والاتّحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق، وهي ستة كتب، ثلاثة منها لكتّاب والبقية لكاتبات من باب المساواة بين الجنسين، وقد اختيرت العناوين بحسب جودة النّصّ وتميّزه، بالإضافةً إلى التّنوّع في عمر الكتّاب والأجناس الأدبية، فهناك الشّعر والقصّة والدّراسة والرّواية، وأمّا الكتب الصادرة عن اتّحاد الكتاب بدمشق ـ دققها لغوياً الأديب أيمن الحسن وأخرجتها فنياً وفاء السّاطي ـ فهي “شعريّة المبنى.. علامية المعنى.. الجماليّة المقاومة في الرّواية العربية” وهو دراسة نقدية لعضو اتّحاد الكتّاب العراقي بشير حاجم، ويحاول الكاتب من خلالها كما يقول: “ردّ خطاب الرّواية إلى بنيويتها وتقنيتها وجماليتها وثيميتها معاً، إذ أُريد حصراً هنا خطاباً للسّرد العربي، أقصد به ذلك الأدبيّ الإبداعي الذي يجب له “و/أو” عليه، أن يخلق لغةً داخل اللغة، تماماً، لكي تشغل بحقّ لشعريّة السّرد “بويطيقيّته”: المبنى بوسيلته البنيويةـ التقنوية” آلياً”، مضيفاً: “هكذا سيبدو الخطاب بنية سابقة، بينما ستغدو البنية خطاباً لاحقاً بفعل الوسيلة البنيوية، إذاً، لكن البدو والغدو هذين كليهما، لن يتأتيا لبنية الرّواية خطاباً، بالضّرورة، لولا الوسيلة التّقنوية، على أنّ كلّ ذلك المتعلّق بخطاب كهذا، بنيوياً ثمّ تقنياً، لا يكفي أبداً من دون علامية السّرد “سيميائيته” المعنى لغايتيه “الجمالية ـ الثّيمية” دلالياًً.

وجاء الكتاب الثّاني بعنوان “ضياع في جالوس” للأديب محمد جبر علوان وهو مجموعة قصصية كتبها قبيل وفاته، وجمعها ابنه هشام بالتّعاون مع صديق والده حميد المختار الذي يقدّم المجموعة بالقول: “لا أستطيع أن أقدّم من كان حيّاً في سباته الأبدي، فهو ليس ميتاً والدّليل سترونه في هذه النّصوص، إنّها نصوص حيّة والسّارد سطر أبجديات الحياة بحرارة النّفس وصلابة الإصرار على الفرح وصنع الحياة بوجود عنيد”.

“مقهى على الطّريق.. بين الطّبّ والأدب” عنوان الكتاب الثّالث للدّكتور الأديب وليد الصّراف ـ جرّاح اختصاصي في مستشفى السّلام بمدينة الموصل العراقية، وهو عبارة عن مقالات كتبها واستمدها من واقع عمله ومهنته والمواقف الطّريفة والحزينة التي تصادفه، وتدلل عناوينه على ذلك، نذكر منها “عمليتا فتح قصبة” و”عملية لوزتين” و”قطرة أنف”، بالإضافة إلى بعض الدراسات كـ “تاريخ الأوبئة والحروب البيولوجية وصناعة الهلع وانعكاساتها على سيكولوجية النّاس وأنشطة الاقتصاد والسّياحة واختلال العادات الاجتماعية وتطوّراتها على مختلف مسارات الحياة”، و كلمات ألقاها في بعض المؤتمرات الطّبية”.

بدوره، طبع الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق ثلاثة كتب لثلاثة كاتبات، الأوّل: مجموعة قصائد للشّاعرة عروبة الباشا حملت عنوان “حتّى الفناء”، وهي متنوعة المواضيع والأغراض الشّعرية، والثّاني رواية “حبّ بين الحقيقة والوهم” لوحيدة منى التي تمهّد بالقول: “رغبةٌ ملحّة تزداد في نفسي بعد زمن طويل هجرتني على إثره، ها هي تعود لتسمو في قلم تحرّكه كلمات، تنطق من عمق البوح، بما لديه تسند مشاعري وتقوّي ذاتي.. ليس أفضل من أن يشعر المرء بإرادة قوية، يسيّر ذاته ويرعاها، وينتقي ويختار ما يرفدها.. القوة والضّعف ضدّان يتنازعان في نفس الإنسان، كلاهما باق ككفتي ميزان تتأرجحان، ربّما يغلب أحدهما الآخر”.

“عربة للسّير” عنوان الكتّاب الثّالث، وهو مجموعة قصصية لكاتبتها نادين معين أحمد، وتتنوّع بين القصة القصيرة والومضة، ونقرأ على غلاف المجموعة: “عندما لا ترصد عيناك إلا الظّلام على الرّغم من أنّ الضّوء يشاطر المساحات البيضاء دفء القلوب تصبح سبباً، عندما تترك النّضال في هذه الحياة وتستلم لظروفك النّفسية لتكيل عليك الكثير من الآثار المبتكرة تصبح سبباً، لأنّك تساهم بالمزيد من الدّموع.. أعد لروحك سلاماً  لكي تعيد لمساحتك مجدها”.

أمّا متى نشأت الفكرة ولماذا؟ فسؤال يجيب عليه الدّكتور محمد الحوراني رئيس اتّحاد الكتّاب العرب في سورية بالقول: “مشروع الطّباعة المشتركة هو أحد المشاريع التي اشتغل عليها الاتّحاد في دورته العاشرة هذه ٢٠٢١- ٢٠٢٦، والهدف الرّئيس منها هو العمل على إيصال الكتاب إلى العدد الأكبر من المتلقين في مختلف المحافظات والدّول، ولهذا قام اتّحاد الكتّاب العرب في سورية بتوقيع مذكّرات تفاهم مع بعض دور النّشر الخاصّة واتّحادات الكتّاب في بعض الدّول الشّقيقة والصّديقة مثل سلطنة عمان وموريتانيا والعراق، وقد طُبعت كتب مشتركة بين اتّحاد الكتّاب العرب في سورية والجمعية العمانية للكتاب وكذلك اتّحاد الكتّاب في العراق، وذلك من أجل تبادل الأفكار والنّصوص الإبداعية والأفكار وتعريف القارئ ببعض الكتّاب والمبدعين في هذه الدّول، وهي خطوة جديدة في العمل وينبغي التّأسيس عليها في أكثر من اتّجاه”.

بدوره، بيّن الدّكتور علي الفوّاز رئيس الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق أن فكرة المشروع المشترك أتت في سياق العمل المشترك لتوطيد العلاقات الثّقافية بين الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق واتّحاد الكتّاب السوري بهدف الانفتاح وتوسيع هذه العلاقات وإعطائها بعداً إجرائياً وتنظيمياً، وأعتقد أنّ صناعة الكتاب وطبعه واحد من المشاريع المشتركة الأكثر أهميةً والتي يمكن الاتّفاق عليها وتوسيع العلاقات من خلالها، فهي خيار لنا ورهان على أن يكون المشروع عتبةً لعمل مؤسساتي مشترك، فضلاً عن كونه منطلقاً لأفق تعاوني وتشاركي باتّجاه فعاليات ثقافيّة مشتركة وأن يكون منطلقاً لنا جميعاً لترسيم سياسات ثقافية مشتركة بما يخدم التّعاون والتّبادل الثّقافي وتعريف الأدباء بالبلدين بما هو جديد في صناعة الكتب ودور النّشر في كلا البلدين والتّعريف بالأجيال الجديدة من المثقفين، لأننا نراهن على أن يكون هذا المشروع في واحدة من حلقاته المهمة طبع كتب للأدباء الشّباب ودعم الكتابة النّسوية، وهذه الحلقات والتّوصيفات مهمة في خلق البرنامج الثقافي وتوسيعه، لأنّنا ندرك أهمية أن يكون المثقّف حاضراً وفاعلاً في هذه اللحظة التّاريخية التي نواجه فيها تحديات كبيرة من غزو ثقافي ومواجهات مع العدّو الصّهيوني الذي يحاول جعل الملف الثّقافي ملف تحدّ لتغييب صوت المثقّف العربي”.

ويوضّح الفوّاز: “هذا الاتّفاق بيننا هو منطلق مهم لفعاليات مشتركة وآفاق مشتركة، وسنعمل معاً على إعادة صياغة المشروع ليكون أكثر سعة واستيعاباً، وتشكيل لجان مشتركة لاختيار المخطوطات المعدّة للطّباعة وتوسيع المشاركة فيها، لأنّنا نؤمن بأنّ المشروع الثّقافي بحاجة إلى المزيد من التّخطيط والتّنظيم والتّأطير وأن يكون رافداً مهمّاً في تعزيز مسار العلاقات الثّقافية السّورية ـ العراقية”.