رياضةصحيفة البعث

المنتخب الوطني لكرة القدم أسير الدعم المحدود والإمكانيات المتاحة

ناصر النجار
أيام قليلة تفصلنا عن الجولتين الأخيرتين من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات الأمم الآسيوية وإلى المرحلة الثانية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم القادمة، في الجولتين القادمتين سنقابل كوريا الديمقراطية أولاً ومن ثم اليابان في جولتين حاسمتين، ستكون المباراة الأولى محطة مهمة نحو التأهل إلى الدور الثاني من التصفيات ويكفينا فيها التعادل لتحقيق التأهل، أما المباراة الثانية فستكون لرد الاعتبار أمام اليابان بعد الخسارة الثقيلة والكبيرة التي تعرضنا لها في الذهاب بخمسة أهداف نظيفة.
جماهير كرتنا تعقد الآمال الكبيرة على بلوغ التصفيات الثانية من بوابة منتخب كوريا الذي يعقد العزم نفسه على التأهل من لقائه معنا، لذلك ستكون المباراة مع كوريا بمنزلة المباريات الفاصلة التي لا تقبل التراخي والاستهتار لأنها غير قابلة للتعويض، وعليه فإن المباراة في غاية الأهمية لكلا المنتخبين لأنها مباراة حياة، فإما وجود بين الكبار أو مغادرة مع الصغار.
بعض الأقلام تمنت من خلال قرار نقل المباراة خارج كوريا أن يكون هذا النقل مستفزاً للجانب الكوري فينسحب من اللقاء كما حدث مع مباراته مع اليابان في مرحلة الإياب من التصفيات، وبالتالي نصل إلى ما نتمناه دون أي جهد أو تعب، وهذه أمنية الضعفاء، ومرد ذلك ناتج عن عدم الثقة الكاملة بالمنتخب الذي قدم أداء متفاوتاً مباراة بعد أخرى سواء في التصفيات أو نهائيات الأمم الآسيوية الماضية، وهذه حقيقة واردة وهي بذهن الكثير من الجماهير والمتابعين، فمنتخبنا لم يعط حتى الآن الثقة الكاملة والمفرطة لكل مشجعيه ومحبيه.
وفي الحقيقة ومن خلال مسيرة أكثر من عام مع المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر لم يشهد منتخبنا الاستقرار والنضوج فكان مضطرباً على الدوام، وذلك بسبب عدم ثبات المدرب على تشكيلة معينة في كل مباراة، فكان همه تجريب واختبار اللاعبين حتى وصل إلى قناعة مفادها أن اللاعب المحلي لا يصلح لتمثيل المنتخب!
لذلك اتجه كوبر إلى اللاعبين المغتربين في الخارج وبدأ واتحاد الكرة بحثاً مضنياً عن لاعب قادر على أن يبصم في البطولات القارية والدولية وأن يحقق إضافة مهمة للمنتخب.
لم يستطع كوبر الاستغناء عن كل اللاعبين المحليين لأنه لم يجد اللاعبين المغتربين القادرين على ملء كل الشواغر، الملاحظ أن مشكلة دفاعنا تسير في طريقها للحل، لكن الوضع ليس على ما يرام، فالخوف اليوم بادياً على الجميع لغياب أيهم أوسو لأنه لا يوجد من يحل مكانه بالقوة نفسها!
خط الدفاع استطاع كوبر العمل عليه بشكل جيد وهو ماهر في ذلك لأن اختصاصه دفاعي بحت، وفي هذه الناحية دوماً كنا نسأل: أين اللاعب البديل؟
في الخط الأمامي توجد مشكلة أخرى وكأن القدر وضعنا أمام خلاف قديم غير قابل للحل بين عمر خريبيبن وعمر السوما، وللأسف فإن هذه المشكلة رغم أنها غير معلنة فإنها بادية للعيان ولم يعد أحد قادراً على إنكارها، والمشكلة بين اللاعبين تتصاعد لأن هناك من يزكيها، وحاجة المنتخب تقتضي وجود اللاعبين معاً في المنتخب، والغريب أنه منذ أن تم إدراج اسم عمر السوما على وسائل الإعلام وتأكيد عودته للمنتخب حتى سمعنا أن اللاعب عمر خريبين مصاب، أين وكيف، لا أحد يدري! ورغم أن كوبر جرّب عدداً من المهاجمين المحليين والمغتربين إلا أن منتخبنا لم يحصل على مهاجم من طينة الخريبين والسوما، لذلك فوجودهما في المنتخب معاً ضرورة تقتضيها مصلحة المنتخب، ولنا في مباراة ميانمار في الذهاب عندما تعادلنا بهدف لهدف بغياب الخريبين والسوما خير دليل ومثال، وعندما التحق الخريبين فزنا على المنتخب ذاته بعد خمسة أيام بسبعة أهداف نظيفة، وهنا نجد أن عنجهية كوبر أضاعت على منتخبنا نقطتين ثمينتين في التصفيات فضلاً عن عار التعادل مع أضعف منتخبات آسيا.
منتخبنا اليوم يعاني من نقص كبير ومؤثر في صفوفه بدءاً من أيهم أوسو إلى غيره من اللاعبين الأساسيين الذين شاركوا في المباريات السابقة الأخيرة، وحسب ما وصلنا من مصادر موثوقة فإن كوبر قد يستدعي مضطراً بعض اللاعبين الذين استبعدهم سابقاً من صفوف المنتخب.
وبالمقابل فإن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تنشر أخباراً لا ندري ما مصادرها عن قرب الاتفاق مع بعض اللاعبين المحترفين الجيدين الجدد من ذوي السمعة الكروية العطرة، كذلك تتحدث هذه المواقع عن حل معضلة اللاعب محمود داوود دون أن يكون هناك خبر رسمي من اتحاد كرة القدم الذي يتكتم على هذه الأخبار ولن ينشر أو يصرح بأي شيء حتى ساعة السفر إلى لاوس مكان مباراة منتخبنا مع كوريا.
الملاحظ أن اتحاد كرة القدم هو من يجتهد في مسألة المنتخب وحده، دون أي مساعدة من أحد، والاتجاه إلى اللاعبين المحترفين يتطلب احترافاً عالي الدقة ومالاً وفيراً، وهذا قد لا يستطيع توفيره اتحاد كرة القدم لوحده، لذلك شاهدنا كيف تم جمع تبرعات للمنتخب في كأس آسيا من أجل مكافأة اللاعبين إضافة إلى المبالغ المرصودة مسبقاً، وهذا الأمر لا يجوز مع منتخب وطني، وهنا نقول: إن مسألة المنتخب هي مسألة وطنية يجب أن تلقى الدعم من كل المؤسسات الوطنية والفعاليات التجارية والوطنية، وهذا الأمر ضروري جداً لأن الإمكانيات المتاحة قد لا تلبي طموح المنتخب ونفقاته بوجود محمود داوود ورفاقه.
في المقلب الآخر من الحديث فإننا نتجه بالحديث نحو اللاعبين المحليين، فتصريح كوبر بعدم صلاحية أي لاعب محلي للمنتخب يقارب الحقيقة، والمشكلة الأخرى أن نبقى نعتمد على المغتربين أو نصل في فترة قادمة لتجنيس بعض اللاعبين، وهذا الأمر ليس في مصلحة كرتنا، والمبالغ التي سندفعها لهؤلاء يجب أن تكرس في الداخل لتطوير الكرة المحلية واكتشاف المزيد من المواهب، نضرب المثل في المدافع علي الرينة الذي شارك مع الرجال في التصفيات الماضية وهو في سن الشباب وابتعد بعدها بسبب الإصابة، واليوم نجد محمود الأسود لاعب الكرامة أساسي في المنتخب وهذا دليل على أن كرتنا مملوءة بالمواهب الصغيرة التي يمكن أن تصبح نجوماً.
الخطأ الذي ترتكبه كرتنا يبدأ من القاعدة، فالمنتخبات الصغيرة تحتاج إلى دعم وطواقم تدريب أجنبية محترمة، وقناعتنا أن مدربنا المحلي محدود بعلمه وخبرته، لذلك إذا أراد اتحاد كرتنا أن يتابع عمله النشيط مع المنتخب الأول فعليه الاهتمام بالمنتخب الأولمبي ومنتخب الشباب، والاهتمام يكون حسب التالي: المنتخب الأولمبي ومنتخب الشباب بحاجة إلى طواقم تدريب أجنبية لرعاية لاعبينا وتأهيلهم ليصبحوا جاهزين لمنتخب الرجال، وتجربة هذا الموسم في الدوري الأولمبي كانت جيدة رغم أن الدوري كان قيصري الولادة وقصير العمر، وحسب اطلاعنا على دوري الشباب وجدنا الكثير من الأسماء اللامعة، الدوري هذا أفرز مجموعة من اللاعبين الجيدين وبعضهم بدأ يشارك مع ناديه أساسياً بفريق الرجال وهم يحتاجون إلى من يطور أداءهم ويظهر موهبتهم ويلقنهم دروس الكرة الصحيحة، والمفترض أن يكون هذين المنتخبين رديفين لمنتخب الرجال.
مدربنا الوطني غير قادر على عملية التطوير والتأهيل والدليل على ذلك أن منتخباتنا لا تستطيع التأهل في كل مشاركاتها الرسمية إلى أبعد من الدور الأول رغم تعدد المدربين وتنوعهم الذين طافوا على منتخباتنا، وفضلاً عن ذلك فإن مدربينا الوطنيين ينصاعون للأوامر والتوجيهات بضم هذا اللاعب أو استبعاد غيره، بينما المدرب الأجنبي لا يعمل إلا حسب قناعته، لذلك لا بد من التفكير بهذا الموضوع، والتفكير أيضاً بالمناهج التي تدرس في الأندية، فكل المناهج الحالية أكل عليها الزمان وشرب وإن بقينا على الحال نفسه فلن تتطور كرتنا ولن يبلغ أي منتخب من منتخباتنا أدنى درجات الطموح.