نجاة خليل: الإعلام هو الضوء الأخضر للأديب
طرطوس- هويدا محمد مصطفى
تكتب القصيدة العمودية بلغة شعرية مشحونة بعاطفة عميقة منبعثة من كوامن وجودها وأنوثتها، تعبر فضاء القصيدة وتهندس مجازاتها البلاغية بإيقاع داخلي لتعبر من خلاله إلى قصيدة تحمل فلسفة الوجود، وعملها كمحامية أضاف إلى مسيرتها الأدبية الكثير من القضايا الاجتماعية والإنسانية لتترجمها في أدبها شعراً وقصصاً، إنها الشاعرة نجاة خليل التي تعدّ الشعر نسيج الروح، فهو كالولادة يحتاج إلى حب دائم، وتعشق الكلمة التي تفوح عطراً وتنسج من ضوء الشمس حروفاً تشعّ شعراً، عشقت الطبيعة ونثرت ألوانها على جبين الحياة وحكايات الزمان، فأزهرت قصائد تشبه ألوان الربيع ونسيم الخريف.
ترعرعت خليل في بيتٍ أركانه الكتب، والأدب، ويصدح فيه الشعر بكل أنماطه لتجد الكتابة ظلاً يرافق وجودها، وحبّها للكتاب والمطالعة كان بفضل والدها إبراهيم خليل، إذ كان محامياً، وأديباً، وعالماً، ومثقّفاً، لكن لم تنهل من نبعه إلاّ القليل، فكان السند لها في عشق اللغة العربية وفنّ تعبيرها، وكانت قصيدة النثر أول خطواتها للإبداع.
نشرت خليل قصائدها في جرائد محلية، فكانت محفزّة لقلمها وللغوص أكثر في عالم اللغة والبحث عن مفردات ومعاني الشعر، والآن تكتب القصيدة العمودية، حيث تعد أن الفكرة تشغلها بمجرد حضورها، تحضر القصيدة وتنساب الصور وتتابع في حديثها لـ”البعث”: عندما أتأثر بحالة معينة أهرَع وكأنه صيدٍ ثمين لأخُطّ الفِكرة وأعبر على ضفاف القوافي وأبحر دونما خوف، ومن ثم أعود من جديد لتنقيحها وترتيب أوزانها بعد أن أكون أبحرت واخترت قافيتها ولحن موسيقاها.
وهي مع مقولة أنّ النثر كشمّ الورد مرةَ فيزوي ويرمى جانباً، أما المقفّى كنبتة الحبق كلّما هززته يزداد طيباً، هكذا كان عشقها للشعر العمودي مع أنها تصغي جيّداً للنثر الجميل العابق، والبعض ما يزال يعدّ القصيدة العمودية شعراً تقليدياً ومصبوباً بقالب واحد، لكنّ حروفها تواقة للشعر القديم والبحور والقافية، وقصيدتها متأثرة بالواقع من خلال قولها “إنّ الأديب سلاح الأدب في معركة الحياة، وقصائده منبر لواقع مجتمعه ومعاناته”، لأن حضارة الشعوب تقاس بأدبائها، والأم مصدرها فإن أردت أن تعرف حضارة أمّةٍ عليك بالأم وأدبائها، وهي كأمّ وأديبة ومحامية لامست قصائدها وجع بلادها وما جارت عليه من قهرٍ ودمع وظلم ودمار، فكتبت قصصاً قصيرة تحت عناوين معبرة، منها “وسادة من تراب” و”انعتاق” و”حقيبة بلا مسافر” وغيرها، وعناوين أخرى من النثر وقصيدة التفعيلة كـ”رضي وما جار عليها”.
حازت خليل على المركز الأول بمسابقة أدبية على مستوى الوطن العربي في “مجلة الآداب والفنون العراقية الورقية”.
وترى خليل أن اتحاد الكتّاب العرب كان اللبنة الأولى في طريق الأدب عن طريق حصولها على المرتبة الأولى بمسابقة القصة القصيرة بعنوان “البوح سراً”، فكان منبره حاضراً ومهتماً بكل الإبداعات والمواظبة على خلق الجو الدائم للأدباء من جميع الفئات ولم يزل، وتعدّ قصائدها وقصصها الهمّ الأول قضية الوطن والقضايا الاجتماعية والإنسانية، والمرأة جزء لا يتجزأ، مما ذكرت وكتبت قصصاً قصيرة “ثوب العفّة” و”البوح سراً” وغيرها، وكلها تلامس واقع الحب والمعاناة في مجتمع شرقي محافظ على العادات والتقاليد ولها نظرتها المستقبلية للواقع فالمرأة جسد الأدب ومرآة الواقع.
ومن خلال تجربتها الأدبية تجد أن العمل الجيّد هو الذي يتناوله النقد كحالة إيجابية لأي عمل، لأنّ النقد ليس سلاحاً سلبياً فقط بل هو -حسب رأيها- العين الثاقبة للعمل ولكن مع ناقد حق، وما زالت جدلية النقاش حول مواقع التواصل الاجتماعي لتجد أنها منبرٌ صامتٌ وفوضى بالوقت ذاته، لكن لا يصح غير الصحيح بالنهاية، فالتسلق عبر سلالم غير متينة لن تصل.
أما عن علاقتها بالإعلام، فتقول: “الإعلام هو الضوء الأخضر للأديب”، فكان لها مشاركات عديدة بالمراكز الإذاعية والتلفزيونية، أيضاً المراكز الثقافية في محافظات عدة وتسليط الضوء على مشاركاتها الأدبية ومحاضراتها القانونية، وهذا دليل على تعافي الإعلام والدأب المستمر لإنجاح الحركة الثقافية والنجاح لا بدّ من جناحين ليصبو للعلا.