تكتيك “امتحاني”…!
بشير فرزان
تستحقّ الاستعدادات والجهود الكبيرة التي تُبذل، كلّ عام، لتأمين مستلزمات الامتحانات للشهادتين الثانوية والإعدادية، وحالة استنفار الكوادر التدريسية لضمان سير هذه العملية بالشكل الأمثل، كلّ التقدير والاحترام، ولكن ذلك لا يلغي التحفّظ على بعض القضايا المتكرّرة والتي لم تجد طريقها إلى الحلّ بعد.
ولا شكّ أن بدء الامتحانات الثانوية اليوم يطرحُ الكثير من التساؤلات المتعلقة بالقطاع التربوي، وما تمّ إنجازه في مسالك التغيير الإيجابي فيه، وخاصة مع تتالي التصريحات التي تتغنّى بخطوات متقدّمة، سواء لناحية التدريس وتطوير المناهج وتأهيل الكوادر، أو لجهة تأمين الأجواء الامتحانية وغيرها من القضايا التي تتعلّق بحياة الطالب التعليمية. وللأسف، فإن هالعودة إلى الواقع تكشف عن خلل كبير في هذه القطاع وبشكل يضع كلّ التصريحات في خانة (تجارة الحكي) التي يدفع الأهالي دائماً ضريبتها لعدم وضوح استراتيجية العمل التي تتعامل مع حياة الطالب، بما يشبه “لعبة القط والفأر”، ويظهر ذلك جليّاً في ضعف كبير في أداء الكوادر التربوية مع المناهج، وعدم القدرة على تدريسها، بما يفرض الاستعاضة عن الدرس المدرسي بالدرس الخاص وجلسات المتابعة بتكاليفها العالية، وفي كلّ المستويات، أما بالنسبة للامتحانات فهناك العديد من السلبيات التي تنغّص حياة الطالب والأهالي، ومنها تغيير المراكز الامتحانية التي تضع الطالب في متاهة البحث عن مركزه الامتحاني، إلى جانب المسافة التي يجب قطعها للوصول في الوقت المحدّد والعبء المالي الذي يثقل الهموم، وتحديداً في هذه الأيام التي تتكاثر فيها التحديات المعيشية والاقتصادية.
والسؤال هنا: لماذا لا يتقدّم الطالب إلى الامتحان في المدرسة التي يدرس فيها باعتبارها مركزاً امتحانياً بدلاً من نقله إلى مراكز أخرى، مع العلم أنه يتمّ تكليف كادر لمراقبة الامتحانات لكلّ مركز امتحاني، وهناك جداول تكليف محدّدة لهذه المراكز الامتحانية؟!
وما يثير الدهشة أيضاً التكتيك الامتحاني الذي فرضته وزارة التربية بالتعاون مع وزارة الاتصالات من خلال قرار قطع الاتصالات خلال فترة الامتحانات لمنع حالات الغش التي لم يتمّ الحدّ منها لأسباب عديدة، هذا إضافة إلى الحالة العامة التي فرضها هذا القرار، إذ يحكم على البلد اجتماعياً واقتصادياً وفي كافة النواحي بالشلل، وعدم القدرة على التواصل رغم الوعود الكثيرة التي أطلقتها وزارة التربية منذ سنوات لحلّ هذه المعضلة من خلال تركيب أجهزة تعطيل الشبكة والاتصالات في المدارس فقط، إلا أن ذلك بقي مجرد تصريحات خلبية!!
ومن بوابة عدم “أخذ الوزارة على حين غرة”، نضع هذه التساؤلات في امتحان الواقع التربوي الحقيقي دون أي عملية تجميل وتحييد لوقائع الإستراتيجية التربوية المضللة لمصداقية الوزارة وسياساتها التكتيكية غير الصائبة، في يوميات الطالب الذي تبقى هواجسه وإشاراته الاستفهامية وآمال أهله مطمورة بين عشرات الهموم والمنغصات الباحثة عن الإجراءات والتدابير المسجلة في خانة (الإنقاذية) كما اعتدنا على سماعها من الجهات التربوية التي تهدّد بقراراتها المتردّدة الاستراتيجية الامتحانية والتربوية.