قرار “العدل الدولية” يكشف التخبّط الإسرائيلي
سنان حسن
على الرغم من الادّعاءات الإسرائيلية بأن قرار محكمة العدل الدولية إيقاف عدوانها على رفح وغيرها من مدن القطاع الذي يتعرّض للإبادة منذ أكثر من ثمانية أشهر، لا مجال لتطبيقه، وأنه منحاز، ومعادٍ للسامية، وغيرها من الادّعاءات، إلا أن وقائع الميدان تؤكد عكس ذلك، فالصحف الإسرائيلية بدأت بنقل أخبار رأت فيها أنها إشارة إلى البدء بتطبيق القرار الدولي بداية من إعلان الجيش عن بدء سحب ألوية مقاتلة من رفح “لواء غفعاتي”، والجيش لا يمانع بعودة معبر رفح مع مصر إلى العمل من جديد وإدخال المساعدات الإنسانية والصحية، وأن القيادة السياسية مستعدة لتوقيع اتفاق مع الفصائل الفلسطينية مع منح الفريق المفاوض صلاحياتٍ أكبر في الجولات الجديدة.
قرارات تعكس حالة التخبّط والفوضى التي تشهدها قيادة العدو وهلعها من التوافق الدولي في مواجهة عدوانها البربري على القطاع، فبعد اللاءات التي أطلقها كل مسؤوليه على جميع المستويات من رفض قرار المحكمة وأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، عادت وبدأت تتلمّس طريق النزول عن الشجرة من خلال بث الإشارات أنها لا تريد الحرب في رفح، وأنها بالتعاون مع واشنطن تبحثان في الخطط والبرامج التي تضمن عدم تعريض المدنيين للقتل والجوع، ولكن هل بالفعل “إسرائيل” تريد الانصياع لقرار العدل الدولية؟ بالتأكيد لا؟.. إذاً ما الغاية من ذلك؟.
إن سعي العدو الإسرائيلي إلى التهدئة والإيحاء بأنه جاد في التوصّل إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية في غزة، هو محاولة لكسب الوقت وعدم انجرار الأمور إلى مزيد من التوتر مع المنظمات الدولية ولو مؤقتاً، فمحكمة العدل الدولية تريد تطبيق قرارها بوقف العدوان فوراً، في حين تتهيأ محكمة الجنايات الدولية لاتخاذ إجراءات قد تكون أكثر إيلاماً في ملاحقة قادة العدو وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة ووزير حربه يوأف غالانت، كما أن التهدئة مع المنظمات الدولية هي ما تريده واشنطن من “إسرائيل” وإن كانت تعلن أنها ضد القرارات، وأن “إسرائيل” غير معنية بتطبيقها، ولكن الرأي العام العالمي وحتى الدول الحليفة لها التي تسير في ركبها، أعلنت أنه على “إسرائيل” أن تنصاع للقرارات الدولية وتطبّق ما تطالب به المحاكم، فألمانيا وعلى لسان مستشارها أعلنت أنها ستلقي القبض على نتنياهو في حال أصدرت المحكمة قراراً باعتقاله. ولكن ماذا عن فصائل المقاومة الفلسطينية؟.
خلال ظهور له بالأمس كشف الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، أن ما يكشف عنه الاحتلال من قرارات في الإعلام ما هو إلا لتمرير مخططاته على الأرض والاستمرار في عدوانه على أهل غزة، مبيّناً أن الطيران الحربي الإسرائيلي ما زال يقصف ودون هوادة كل مدن القطاع وليس فقط رفح، وحتى في كشفه عن استعداده للتوصل إلى اتفاق هو يكذب ويماطل، فالهدف الرئيس لدى نتنياهو وعصابته هو استمرار العدوان على غزة، والحفاظ على مناصبهم.
إذاً فصائل المقاومة مستمرة في تصدّيها الأسطوري للعدوان الإسرائيلي، ولعل ما كشفه أبو عبيدة عن تفاصيل العملية النوعية في جباليا من قتل وأسر مجموعة إسرائيلية، يؤكد أن المقاومة ماضية في التصدّي للعدوان الإسرائيلي، وأن محاولات الكيان وألاعيبه لن تقف عائقاً أمام تسجيل الانتصارات ودحر العدو عن أرض غزة وفلسطين.