ثقافةصحيفة البعث

شقاء ونوافذ أمل بـ”عفوية الفن في دائرة الإبداع”

حمص- آصف إبراهيم

“عفوية الفن في دائرة الإبداع” كان عنوان معرض الفنان التشكيلي إبراهيم سلامة الذي افتتح، أمس الاثنين، في صالة اتحاد الفنانين التشكيليين (صبحي شعيب) وسط مدينة حمص، وفيه يغوص سلامة عميقاً في واقع الحياة بأسلوبه التعبيري الأكثر ميلاً نحو الحالة التجريدية العفوية، والبعيدة عن التكلف، متنوعاً في تقنيات الرسم، وبارعاً في الاشتغال على الفكرة المتخيلة بعيداً عن التجسيد التسجيلي والاستنساخ الآلي، في اللوحة عنده ضبابية اللون والمعالم، لكنه يحرص أن تكون الروح التي تعبر عن مكنوناتها الدفينة ظاهرة في أعماقها وبين تفاصيلها.
يرى سلامة أن الرسالة السامية التي يحملها هذا الفن الراقي يجب ألّا تتوقف لأنها تعبّر عن حالة حضارية وثقافية مهمة ترمم بعض الجوانب المتهالكة في الواقع، لذلك تراه في معظم المعارض الفردية التي يقيمها يغلب على معظم لوحاته الهمّ الإنساني من مختلف جوانبه، ولاسيما في السنوات الأخيرة، حيث تفاقمت الضغوط الحياتية على الإنسان السوري وأخذت تؤرقه وجودياً والتي يعبّر عنها سلامة بأسلوبه التعبيري أحياناً، مستخدماً القماش والكرتون في بعض الأحيان حيث الألوان الرمادية هي وسيلته لتقصي الحالة النفسية، كما يراها ويشكلها في مخيلته، وحيث تتشعب وتتعقد لتصبح رؤية وجودية استخلصها من خلال عراكه مع الواقع.
لكنه في هذا المعرض يوسّع دائرة الأمل والانفراج والتطلع نحو مستقبل أكثر بهاء عبر لوحات فيها متسع لمرح الطفولة وجمال الطبيعة وحضور الأماكن التي تلتصق بذاكرته، بعمق وحنين راسخ.
يعدّ معرض سلامة الفردي الحالي والذي يضمّ نحو ثلاثين لوحة، استمراراً للرؤية التعبيرية الشمولية في تكوينها الفني، والتي تجسد الواقع من منظور فلسفي بعيد عن التسجيلي الضيق، يعتمد فيها على اللون والحركة الهادئة والهادفة لإظهار الحشود البشرية المتزاحمة داخل اللوحة التي تقول ما يبحث عنه ويسعى إلى إيصاله إلى المتلقي في مساهمة نبيلة منه للارتقاء بواقع يتطلّب إشعال المزيد من شموع الأمل للخروج من أسر القنوط المسيطر على النفوس.
تتنوع موضوعات لوحات سلامة لتحيط بجوانب حياتية واجتماعية متعددة، لكن المرأة تحتل بواقعها الوجودي والاجتماعي الموسوم بالشقاء الحيز البارز فيه عبر تجسيدها في خضم اليم تصارع الأمواج العاتية، لكنه لا يغلق نوافذ الأمل التي يفتحها مواربة حيناً، وعلى مصراعيها أحياناً أخرى، لتكون نوافذ نحو مستقبل أكثر جمالاً ونقاء.