أخبارصحيفة البعث

جيل الشباب… والدعم الأمريكي غير المشروط

البعث- تقارير    

ليست فقط الاحتجاجات، ولكن استطلاعات الرأي التي لا تعدّ ولا تحصى تظهر تحوّلاً جذرياً في وجهة نظر جيل الشباب، ولا سيما الجيل “Z” من الأميركيين، نحو الدعم الأميركي غير المشروط لـ “إسرائيل”، فرأي الأميركيين من الجيل “Z” بالدعم الأميركي غير المشروط لـ “إسرائيل” سلبي، الأمر الذي قد يغيّر سياسة الولايات المتحدة، وامتلاك الأميركيين من هذا الجيل لآراء فريدة في السياسة الخارجية ليس بالأمر الجديد، لكن الاحتجاجات الأخيرة التي قادها الطلاب بشأن الحرب على غزّة، سلّطت الضوء على الاختلافات بين الأجيال في هذا البلد، وقد تنذر بإبعاد سياسي مستقبلي للولايات المتحدة طويل الأمد عن “إسرائيل”؛ عميلتها منذ زمن، وقد تكون بعض المؤشرات مثيرة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة، فبصرف النظر عن إظهار الجيل “Z” المزيد من الدعم لوقف إطلاق النار مقارنة بفئاتهم الأكبر سناً، فإن أغلبية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً، برّروا هجوم 7 تشرين بمظالم الفلسطينيين، فيما تظهر نسبة قليلة من هذا الجيل تعاطفاً تجاه الإسرائيليين، بينما رأى الأكثرية أنّ هذه قضية رئيسية من شأنها أن تؤثر على أصواتهم، بل بعضهم يؤيد توفير الأسلحة للفلسطينيين.

كما أكدت مؤسسة “بروكينغز” الفكرية الأميركية، أنّه حتى قبل “طوفان الأقصى”، كانت هناك اختلافات واضحة بين الأجيال في مواقف الأميركيين تجاه “إسرائيل”، والأغلبية لم تكن لديهم وجهة نظر إيجابية تجاهها.

واليوم ساسة أمريكا أصبحوا أكثر خوفاً مما سمّوه “التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي” على استدامة الخطاب المؤيّد لـ “إسرائيل”، وهذا بالطبع كان السبب وراء تصويت الكونغرس على حظر “تيك توك”، حيث لا تعجبهم حقيقة أن نسبة كبيرة من الشباب الأميركيين يثقون في الأخبار الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما يثقون في وسائل الإعلام القديمة، وأنّ المزيد من الطلاب المحتجين يعتمدون على وسائل الإعلام غير الأميركية، بل أحياناً العربية، لمعرفة أخبار الحرب على غزة.
ويبدو أنّ الأميركيين الأصغر سناً يتساءلون أكثر عن سبب وجود علاقة غير مشروطة مع “إسرائيل”، وقد يكون، الذين نشأوا في ظل حربَي العراق وأفغانستان، أكثر تشكّكاً بشأن احتمال حدوث حروب أخرى على حساب المدنيين. تساور الشكوك الشباب الأميركيين عن حقّ عندما يرون ضباط الجيش المتقاعدين – الأشخاص أنفسهم الذين قادوا إلى إخفاقات العراق وأفغانستان – على شاشة التلفاز وهم يدعمون 175 مليار دولار لأوكرانيا لدورها كوكيل للولايات المتحدة في الحرب بين الناتو وروسيا، وأكثر من 300 مليار دولار لـ “إسرائيل”، وهي الأموال التي قد يعتقد الشباب الأميركي أنّه ينبغي إنفاقها على بناء بلادهم، في وقت لا يمكن للشباب الأميركيين أن يجهلوا حقيقة أنّ “إسرائيل” أبعد ما تكون عن كونها “مستضعفة”، فهي تمتلك أسلحة نووية، ولديها “جيش” حديث في المنطقة، وتحصل على تفويض مطلق من واشنطن عبر ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية كلّ عام.

من جهةٍ أخرى لا ننسى التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها، إذ يعاني أبناء الجيل “Z” من مستويات عالية من الاكتئاب والقلق كونهم يشعرون بأنّ فرص عملهم محدودة، وأنّ “الحلم الأميركي” بعيد المنال، بل هناك المزيد من الأخبار القاتمة حول ديون أميركا، وخفض تصنيف سنداتها إلى AA+؛ وارتفاع تكاليف الاقتراض، وتضاعف تكاليف الفائدة على الديون، بالإضافة إلى ذلك، يتحمّل الضمان الاجتماعي التزامات غير مموّلة ويقترب من الإفلاس، وربما يستنزف احتياطياته، كذلك هناك ديون القروض الطالبية بقيمة 1.75 تريليون دولار.

وبالتأكيد فإن هذا الجيل عندما يبدأ في الترشّح لمناصب سياسية ويصوّت بقوة أكبر، فقد يشرع في التخلّص من الارتباط بكيان مجرم ومستنزف للموارد وسيء السمعة دولياً.