ثقافةصحيفة البعث

“لمة أخوة” في المنتدى الثقافي العراقي

ملده شويكاني

الموسيقا الآلية لأغنية فريد الأطرش “لاكتب ع وراق الشجر، سافر حبيبي وهجر” التي عزفها عدنان الحايك على الكمان، تكاملت مع أبيات شعراء السويداء بأمسية شعرية وموسيقية، أقامها المنتدى الثقافي العراقي، بعنوان “لمة أخوة” بتنظيم ومشاركة الشاعر العراقي صالح الكندي، وبإشراف منى هيلانة أمين سر قيادة قطر العراق وبحضور الدكتور محمود شمسة رئيس المنتدى الثقافي العراقي وجمهور المنتدى.
وقدم شعراء السويداء إلى دمشق نجلاء الفقية وأنعام أبو سعيد ومروان زين الدين، حاملين معهم رسائل محمّلة بالمحبة للشعب العراقي، تؤكد التاريخ المشترك الذي يجمع الشعبين العراقي والسوري، ولم تقتصر على الشعر الفصيح فقط، إذ حضر الشعر المحكي الذي برع به شعراء السويداء، ويعدّ نوعاً من تراثنا اللامادي، ويمتاز بإيقاع موسيقي بتناغم الأحرف.
ودارت مضامين القصائد الفصيحة والمحكية حول لمة الأخوة تحت لواء الوطن والحب، واتسمت بالتضمين والاقتباس الديني لبعض المفردات، بالإضافة إلى التناص الشعري خاصة، تقاطعت كلها على التغني بالشام.
فاستهلت الشاعرة خزامى الشلبي، التي أدارت الأمسية، التقديم بلمحة عن أهل السويداء ونضالهم بالأمس واليوم، إذ دافعوا عن أرض الوطن وواجهوا الاحتلالين العثماني والفرنسي، كما وقفوا في وجه الإرهاب في سنوات الحرب، مستحضرة ذكرى سلطان باشا الأطرش أحد رموز النضال في سورية.
وقرأت إحدى قصائدها بالشعر الفصيح “حيي على الأحلام” وصفت فيها جمال الفصول بالشام على غرار الشاعر أنور العطار، مبتدئة باسم التفضيل:
ما أقدس الأشواق في أقلامنا
يا نبض روحي عانق الأقلاما
شامي التي بين الضلوع أميرة
فاضمم جناحك كي تضم شآما
ما كان حلم الصيف بعض مدامة
أبداً ولا ذاق الربيع مداما
بل جنة للعشق أغلى حلمنا
فاحرص على الأحلام فزت مقاما
ثم بدأت الشاعرة أنعام أبو سعيد بقصيدة “شآم” تغنّت فيها بأمجاد الشام وتاريخها المشرق، مبتدئة بمطلع:
شآم مجدك لن يخبو ولن يغيب
دام سطوعك بين النجم والشهب
بتناص شعري مع قصيدة “أنت المجد لم يغب”، ثم تابعت عن مقاومتها الحرب الإرهابية:
أدعوا الإله شفاءك من براثنهم
من جاؤوا جهلاً بك للخوف والرعب
أن ردّ كيدهم وأحبط عزيمتهم
هي الشآم عروس المجد والعرب
وتنتقل للتغني ببردى على غرار عدد من الشعراء:
بردى يكحل مقلتيها روى
كرومها الخضر والنارنج والعنب
وتقفل القصيدة بعشق الشام:
هي الشآم والعين نسكنها
أغلى علينا من الياقوت والذهب
كما ألقت قصائد بالشعر المحكي تطرقت فيها إلى صمود غزة ومواجهتها العدو الصهيوني بكل قوة:
غزة العزة ما بتستسلم
ولكل العالم نتكلم
نحنا أصحاب الأرض بحق
وللغاصب مارح نستسلم
وتميزت الشاعرة نجلاء الفقية بشعرها القريب من المتلقي، إذ قرأت حوارية بالفصيح تعبّر عن غضب الزوجة من زوجها، معتمدة على التناص الشعري في جزء منها من قصيدة نزار قباني “أيظن”، التي لحنها محمد عبد الوهاب وغنتها نجاة الصغيرة:
أيظن أني لعبة بيديه
أنا لا أفكر بالرجوع إليه
فتقول نجلاء:
لو أن هذا الكون ملك يديه
أقسمتُ أني لن أعود إليه
حمل القيود إليّ كيف أحبه
وقساوة السجان بين يديه
لتتساءل بالمقطع الثاني:
ماذا به أيظن أني دمية
أو عقرب سل في برديه
وبعد عتاب مطوّل وسجال تنهي القصيدة العاطفية بالوفاق:
وتعطلت كل اللغات
وخاطبت يده يدي
مستخدمة التناص الشعري لقصيدة أحمد شوقي التي لحنها وغناها محمد عبد الوهاب “يا جارة الوادي”:
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت
عينيّ في لغة الهوى عيناك
ومن ثم تحدثت الشاعرة نجلاء الفقية عن حبّها للعراق وأهدته قصيدة استهلتها بسيدنا الحسين وخصاله الحميدة والسيدة زينب وآل البيت:
العراق
رسول الله يهدينا السلام
وحفيده الحسين خير الأنام
ورث الكرامة من جده
ليلاً صباحاً يسوقها الجمال
كما ألقت قصيدة رثاء ووفاء لزوجها تميزت بدرامية الصورة الشعرية بوصف الفراق المرّ “مازلتُ رابطة على باب تلك الغرفة”.
الشاعر العميد مروان زين الدين المشغوف بقراءة الشعر القديم وخاصة المتنبي، تميّز شعره العمودي بقوة التراكيب، خاطب العراق، مستهلاً القصيدة بالنداء، ومستخدماً الهمزة المضمومة بالقافية، والاقتباس الديني لمفردات من القرآن الكريم:
يا بن العراق تباركت بسلامها
هناك حيث الود والإيفاء
فخذ التحايا من ثرى رياننا
إنّا إليك وفي الضحى الإسراء
لينتقل إلى الشام، مستخدماً الأسلوب الإنشائي بفعل الأمر بالتضمين عن مشاركة أهل السويداء بالنضال حتى الاستقلال:
والشام سلّها من أعاد رداءها
للمجد يوم استوثق الإجلاء
ليقفل القصيدة بالعلاقة التاريخية بين العراق وسورية:
فخذ السلام إلى العراق، وقل له
إياك تمضي للعلا الفيحاء
أما قصيدته بالشعر المحكي فخصّها أيضاً للشام معتمداً على الإيقاع لحرف الواو ودوره بالجرس الموسيقي:
يا شام عم يسأل عن اللي صار
أيّا وطن بالقلب منجلو
وطن ابتدا وقبل الشمس بنهار
بالكُن قلو وكان ب محلو
اختتم الفقرات الشعرية الشاعر العراقي صالح الكندي بقصيدة عاطفية مطوّلة بالشعر المحكي، تخللتها حوارية صغيرة مع المحبوبة “زغيرة إنت زغيرة والعلة اللي بقلبي كبيرة”.
كما ألقى قصيدة بالفصيح بشيء من الذاتية عن علاقته بالشام، بعنوان ياسمين الشام:
أراها نبض شرياني
بسابقتي وعرفاني
وكل الكل أكتبها
وأعلم ما لها ثاني
وتطرق فيها إلى الشام نبض العروبة التي تجمع كل العرب، ليقفلها بـ:
وخلاني هم كثر
فكل الشام أوطاني
وخلال الأمسية، قدّم الموسيقي عدنان الحايك عازف الكمان العديد من مقطوعات الموسيقا الآلية لأشهر أغنيات الزمن الجميل، فاختزل بأوتار الكمان آلات الأوركسترا، وتفاعل الجمهور مع موسيقا ألف ليلة وليلة، ثم عزف بتقنية الميكس بين موسيقا أغنيتي الحبّ كده وأنساك.
وغنى الجمهور معه أغنية فريد الأطرش “لاكتب ع وراق الشجر”، كما عزف مقتطفات من أغنيات ملحم بركات.