دراساتصحيفة البعث

في ذكرى تحرير القنيطرة.. إصرار على استعادة كامل تراب الجولان

القنيطرة – محمد غالب حسين

في ذكرى تحريرها من براثن الكيان الصهيوني في السادس والعشرين من حزيران عام 1974، تبقى القنيطرة عروس الجولان وفخر المدائن وزمرّدة البلدان، التي تضفّرت بأكاليل الغار، وتزيّنت بشقائق النعمان والأقحوان، وتعطّرت ببخور مزار تلّ علي أبي الندى، وتضمّخت بطيب الرشاد والنّفل والشمرة والزعتر، وتوشحت بقطيفة من نور الشمس والتماعات ضوء القمر، وحملت في يدها أضمومة من أشجار الميس وباقة من الجلنار، واكتست عباءة من خزامى وقصب، وتقدّمت بتيهٍ وفخر وعنفوان وألقٍ نحو أبناء الوطن الذين تنادوا من كل حدب وصوب ليشهدوا لحظة تاريخية ويوماً مشهوداً.

وتقدّم القائد المؤسس حافظ الأسد محفوفاً بحشود أبناء الشعب، وقبّل علم الوطن، ورفعه شامخاً عالياً في سماء مدينة القنيطرة إيذاناً بتحريرها مع عدة قرى ومزارع في الجولان وجعلها منطلقاً لتحرير كل ذرة من تراب الجولان.

وقال: (إنّ الكلمات جميعها عاجزة عن وصف هذه المناسبة. أستطيع أن أقول باختصار: إن إرادة الشعب لا يمكن أن تقهر، وإن الوطن فوق كل شيء. وعلينا أن نستمرّ في الإعداد لطرد العدو من كل شبر من أراضينا العربية المحتلة. وأنا متفائل بالنصر ومتفائل بالمستقبل وواثق من أن أية قوة على هذه الأرض لن تستطيع أن تمنعنا من استرجاع حقوقنا كاملة. إن هذه الجماهير التي نراها تملك كل الاستعداد للتضحية وكل الاستعداد للبذل من أجل تحقيق إرادتها في تأكيد حرية جماهيرنا في هذا القطر وفي الوطن العربي. سيبقى شعبنا في هذا القطر نبراساً للأمة العربية. سيبقى رمزاً للتضحية وستبقى هذه الجماهير أبداً النور الساطع من أجل الحرية، من أجل تحرير الوطن، من أجل كرامة الأمة العربية).

واليوم بحضرة ذكرى الفرح الجولاني وعودة عروس الجولان من الغربة والأسر الكريه، نؤكد أن الجولان هو الأحلى والأغلى والأبهى والأزهى والأسمى والأنقى والبوح والفوح والحب والمحبة والنور والمنارة والأشواق التي لا تنتهي.

نهضة كبرى

لقد شهدت محافظة القنيطرة بعد تحرير المدينة ولادة جديدة ونهضة شاملة، وخاصة في مجال الإعمار حيث تمّت إعادة إعمار القرى المحرّرة التالية:

– الحميدية: /٢٣٢/ وحدة سكنية.

– الحرية: /٧٤/ وحدة سكنية.

– الصمدانية الغربية: /٧٠/ وحدة سكنية.

– بريقة: /٢١٠/ وحدات سكنية.

– بئر عجم: /٩٣/ وحدة سكنية.

– الأصبح: /٩٢/ وحدة سكنية.

– صيدا: /٨٢/ وحدة سكنية.

– الرّفيد: /٣٠٠/ وحدة سكنية.

– القحطانيّة: /٨٩/ وحدة سكنية.

– مدينة البعث: /٢٥٠/ وحدة سكنية لتكون مقراً للمحافظة ومؤسساتها وشركاتها ومديرياتها ودوائرها.

وتضمّ كل قرية من القرى الأنموذجية الحديثة التي تمّ إعمارها منظومة خدمية متكاملة من شبكات مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي والهاتف والمدارس والمراكز الصحية والوحدات الإرشادية الزراعية والريفية، إضافة إلى بناء مستشفى الشهيد ممدوح أباظة الذي يعدّ صرحاً طبياً علاجياً ويستقبل مئات المرضى ويستوعب مئتي مريض نزيل، ناهيك عن بناء المجمع الحكومي مقراً لمحافظة القنيطرة وأبنية حديثة لكل المؤسسات والشركات والمديريات والدوائر بالمحافظة.

وترافق ذلك مع توفير مستلزمات النهضة الزراعية حيث تمّ بناء السدود التالية:

– سد رويحينة: وتبلغ سعته التخزينية أكثر من مليون م٣ من المياه ويروي مئة هكتار.

– سد بريقة: وتبلغ سعته التخزينية مليون م٣ ويروي /١٠٠/ هكتار.

– سد الهجة: وتبلغ سعته التخزينية حوالي مليون م٣ ويروي مئة هكتار أيضاً.

– سد غدير البستان: وتبلغ سعته التخزينية /١٢/ مليون م٣ ويروي /١١٠٠/ هكتار.

– سد كودنة: وتبلغ سعته التخزينية /٣٠/ مليون م٣ ويروي /٢٥٠٠/ هكتار.

وفي المجال الزراعي لا بد من ذكر مشاريع التشجير المثمر ومراكز إنتاج الغراس ومراكز أمهات الأشجار في أيوبا وطرنجة وصيدا والمشتل الحراجي ومنشأة دواجن القنيطرة وغيرها.

وقد منح القائد المؤسس محافظة القنيطرة وأبناءها كريم محبّته وسابغ رعايته  وجزيل اهتمامه، وأوعز للحكومة بتقديم جميع أنواع الدعم للمحافظة وتمويل مشاريعها الاقتصادية والخدمية والزراعية والتربوية وتنفيذها بالسرعة القصوى.

وصاغ ذلك كلّه نهضة كبرى بالجزء المحرّر من المحافظة دعماً لسكانها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتجلّت الخدمات الناجزة بكل بلدات المحافظة وقراها ومزارعها في المجالات التربوية والصحية والهاتفية والكهربائية والزراعية والتنموية.

 اهتمام وأولوية

وقد تنامى الاهتمام بمحافظة القنيطرة من السيد الرئيس بشار الأسد الذي منح الأولوية والأهمية لمشاريع محافظة القنيطرة التنموية والخدمية. وتمّ إحداث الكليات الجامعية والمعاهد المختلفة ومنح الأفضلية لأبناء محافظة القنيطرة فيها ناهيك عن الاستصلاح المجاني لأراضي الفلاحين الوعرة والبدء بإعادة إعمار قريتي القحطانية والعشة، كما توسّعت مدينة البعث عمرانياً ببناء مئات الوحدات السكنية الطابقية وبناء سد المنطرة، وغيره من المشاريع التنموية والاستثمارية والخدمية.

الهمجية الإسرائيلية

القنيطرة عاصمة الجولان ومركز المحافظة الإداري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

وكلمة القنيطرة تصغير للقنطرة، وتعني الجسر لأنها صلة الوصل بين بلاد الشام: سورية وفلسطين ولبنان والأردن.

تقع مدينة القنيطرة على خط الطول 35,49 درجة وخط العرض 33,7 درجة بالجنوب الغربي من سورية وتبعد عن دمشق (67 كم). وتتربّع شرق جبل الشيخ وغرب حوران وسط سهل واسع كبير يحمل اسمها (سهل القنيطرة) وتحيط بها تلال كثيرة مثل: تل علي أبي الندى (1204م) وتل العرام (1171م) مرتفعة عن مستوى سطح البحر (950) متراً.

وكانت مدينة القنيطرة عامرة مزدهرة تضجّ بالحياة، زاخرة بالنشاط الاقتصادي والتجاري والعمراني.

وقد قام جيش الاحتلال الإسرائيلي قبيل انسحابه منها مرغماً بتدمير المدينة بالبلدوزرات والتركسات ونسفها بالدّيناميت، مميطاً اللثام عن ساديّته وحقده ونازيته وعدوانيته وفاشيته وعدائه للحضارة والمدنية والإنسانية، كما دمّر شبكات المياه والكهرباء والمرافق العامة بالمدينة ونهب كل المولدات والمضخات، وأحال مستشفى الجولان حقلاً للرمي لتدريب جنوده.

وقام العدو بتدمير الكنيسة البروتستانية بعد أن قام بنهب محتوياتها ومقتنياتها الثمينة، كما سرق كل ما كان في المساجد من المصاحف والسجاد والثّريات، إضافة لما تضمّه كنائس المدينة من الأيقونات والشمعدانات والأجراس، واقتلع الرخام والمرمر من الجدران، ودنّس القبور عندما قام بنبشها وسرقة ما فيها وتخريبها وإتلافها وإحراق الكتب السماوية وتدنيس المعابد بكتابات بذيئة ورسوم صهيونية معادية. وقام العدو أيضاً بتدمير النُّصبين التذكاريين في ساحتي الجلاء والثامن من آذار.

الأهل الأباة

ونستذكر بهذه المناسبة بفخر الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا الذين رفضوا الاحتلال الإسرائيلي وما صدر عنه من قرارات احتلالية زائلة وإجراءات عدوانية باطلة، حيث أعلنوا على الدوام الانتماء الراسخ الثابث للوطن الأم والتمسّك بالهوية العربية السورية والاعتزاز بها والولاء لقائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد والثقة الأكيدة التي لا يخامرها شك بتحرير كامل تراب الجولان.