دراساتصحيفة البعث

نقطة تدعو إلى تغيير نهج واشنطن

عائدة أسعد

في حديثه في معهد بروكينغز, قدّم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعض المواد للتفكير حول ما يعيق التنمية الصحية للعلاقات الصينية الأمريكية.

وفي المحادثة التي استمرّت 54 دقيقة، ذكر بلينكن ورئيسة معهد بروكينغز سيسيليا روس وبعض الحضور الصين 24 مرة على الأقل، بينما بالمقارنة تم ذكر روسيا 17 مرة، ما يشير إلى الدولة التي تشكّل مصدر القلق الرئيسي في واشنطن ودوائر المؤسسات البحثية الأمريكية.

ومع اقتراب موعد انعقاد قمّة الناتو في واشنطن، استغل بلينكن هذه المناسبة لشرح سبب دعوة الولايات المتحدة لأربعة من حلفائها في آسيا والمحيط الهادئ – أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية – لحضور الاجتماع، مستشهداً بالتحديات التي تفرضها الصين، وأوضح أن الولايات المتحدة تولي أهمية كبيرة لدمج شبكاتها الأمنية في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.

وكما ألمح بلينكن، فإن إدارة جو بايدن أصبحت الآن أكثر اقتناعاً ممّا كانت عليه قبل ثلاث سنوات بأنه يجب على الولايات المتحدة أن تسعى إلى العمل بشكل وثيق مع جميع البلدان، وليس فقط مع حلفائها، للتعامل مع التحدّيات التي تفرضها الصين، وبذل قصارى جهدها للتغلب على هذه التحديات وإيصال رسالة إلى جميع أنحاء العالم مفادها أن الصين هي الاهتمام المشترك للجميع.

وإشارة بلينكن إلى ملاحظة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بأن ما يحدث في أوروبا اليوم يمكن أن يحدث في آسيا غداً، توضح كيف أصبحت إدارة بايدن يائسة من التكهن بالصراع الروسي الأوكراني لتظهر الصين على أنها مصدر قلق أمني رئيسي لكل من الدول الأوروبية والآسيوية.

وقد تفاخر بلينكن بالتقدم الملحوظ الذي حقّقته إدارة بايدن على مدى السنوات الثلاث الماضية في إقناع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين والشركاء الآسيويين المهمّين بمواءمة نهجهم تجاه القضايا المتعلقة بالصين مع نهج الولايات المتحدة، حيث قال: “كلاهما اعتراف مشترك بماهية التحدّي، وعلى نحو متزايد بالنظرة المشتركة حول ما يجب القيام به حيال ذلك”، ومن الواضح أن هذا سيكون أيضاً بنداً رئيسياً على جدول أعمال قمّة الناتو المقبلة في العاصمة الأمريكية.

وبما أن الولايات المتحدة لا تدّخر أي جهد لإجبار أو خداع الدول الأخرى للقفز على عربتها المناهضة للصين وتبذل قصارى جهدها لاحتواء التنمية في الصين، فمن النفاق، كما قال بلينكن، أن إدارة بايدن لا تزال تسعى إلى بذل كل ما في وسعها للتعاون مع الصين في المجالات التي تستطيع فيها ذلك.

لكن الشكاوى الأخيرة من الجانب الأمريكي بشأن عدم دعوة ناسا للمشاركة في مهمّة الصين لاستعادة عيّنات من الجانب البعيد من القمر، كما كانت وكالة الفضاء الأوروبية، إلى جانب فرنسا وإيطاليا وباكستان، تعمل على تفنيد هذا الادّعاء.

وحسب المحللين السياسيين فإنه يجب تذكير واشنطن أن التشريعات المحلية للولايات المتحدة، مثل تعديل وولف، هي التي تمنع مثل هذا التعاون، ولذلك السؤال الحقيقي الذي ينبغي طرحه ليس لماذا لم تتم دعوة وكالة ناسا، ولكن لماذا لا تسمح حكومتهم للعلماء والمؤسسات الأمريكية بالمشاركة في المشروع.

وما تجدر الإشارة إليه هو أن إدارة بايدن لم تتمكّن بعد أكثر من ثلاث سنوات في السلطة من التوصّل إلى حكم صحيح بشأن الصين، ولهذا السبب سياستها وممارساتها تجاه الصين لا تزال تسير في الاتجاه الخاطئ.