“سقوط الحصان”.. وما يشبه المسرح!!
حمص ـ آصف إبراهيم
بعد عرض “أحبها” مع المسرحي القدير فرحان بلبل بالقاعة الأثرية في كنيسة الروح القدس العام الماضي، يعود الفنان المسرحي عبد الكريم عمرين إلى ما يطلق على تسميته “مسرح على الطاولة” في العرض الجديد “سقوط الحصان” مع القدير بلبل أيضاً مؤلفاً، في مقر رابطة الخريجين الجامعيين وسط مدينة حمص.
هي محاولة على الرغم من أنها لا تملك مقومات المسرح، بكل أشكاله وإن أطلقنا عليها تجاوزاً، مونودراما مسرحية، لكونها تفتقد للكثير من العناصر المسرحية، لكنه يسعى من خلالها وضمن واقع المسرح الحالي إلى إشعال شمعة، عبر هذا الحضور غير المألوف والمنفلت من طقوس العمل المسرحي.
تجربة عمرين وبلبل يمكن أن نقول عنها إنها محاولة لكسر قالب المسرح المعهود الغاية منه خلق حالة تفاعلية وحضور مسرحي، ولاسيما للقدير فرحان بلبل الذي لم يمنعه العمر الذي بلغ منه عتياً من مواكبة المشهد الثقافي ومساهمته بين الحين والآخر في تحريك المياه الراكدة في حياته الإبداعية، وحياة المسرح السوري المتهالك.
هو عرض ناقص كما يقول عمرين، خالٍ من العناصر المسرحية إلا من بعض الإكسسوارات البسيطة، الهدف منه كما يقدم لنا إحياء اللغة وما تنتجه من صور وأخيلة بعد ما سرقته وسائل التواص الاجتماعي من حياتنا، عرض ناقص يكمله المتلقي عبر نشاطه الخيالي الذي يضيفه على أداء الممثل والمؤلف.
هي محاولة لإحياء المتلقي من خلال راو يشهد على عصره ويروي الحكايات الدافئة، ويبث الرسائل والمحاكمات تجاه الأوضاع الراهنة.
يقرأ عمرين نصاً مكتوبا أمامه على الورق، محاولاً من خلال بعض الانفعالات والحركات والتلوين الصوتي والأقنعة شد المتلقي وإيهامه بفنية ما يشاهد.
في النص نتابع حكاية “شاكر أبو مهند” ابن أكبر تاجر كريستال في البلد جارت عليه الازمة، بعد أن كانت في خزنته ملايين الليرات والمجوهرات، قبل أن تندلع الحرب ويأتي القصف ويدمر بيته ومحلاته وتقتل زوجته وأبناءه الذين تحولوا إلى أشلاء.
النص فيه إدانة للحرب بكل أشكالها والتي يدفع ثمنها الأبرياء المسالمين، ومنهم “شاكر أبو مهند” الذي يقرر إعادة ثروته عبر التجارة بكل شيء، لكنه يكتشف أن ما أراد عمله سبقه إليه كل من دمر منزله ونهبت ثرواته، ويعيدنا عمرين وبلبل من خلال الحكاية إلى أجواء الحرب والفوضى والقتل والخطف في وطن مجروح، ليضعنا أمام مفارقات جديدة وغير مألوفة، حيث ينصحه أستاذه في قسم الفلسفة التي درسها بناء على رغبة والده، ليصبح تاجراً مثقفاً نصحه أن يعمل شحاذاً، ثم قواداً، إلى أن تستقر الحال فيه إلى العمل بمهنة “ضبع” في محاكاة لنص “الرجل الذي صار كلباً” من المسرح العبثي للكاتب الأرجنتيني أوزڨالدو دراغون, ليقول لنا إن الأزمة العبثية جعلت حتى منظر الضباع مألوفاً، فقد حولتنا الأزمة العبثية إلى أناس مشتتين غير قادرين على إعادة التوازن لحياتنا، ونفتقد للرحمة والإنسانية.