الكمون الريحي النظري لإنتاج الطاقة الكهربائية يقدر بحوالي (40-80) ألف ميغا واط
دمشق – البعث
بين المهندس عبد الحميد شقير، الخبير في علوم الطاقات المتجددة، أن أسباب التوجه العالمي لاستخدام الطاقات المتجددة بدلاً من الطاقات التقليدية يعود إلى عوامل رئيسية وفاعلة تستدعي البحث عن مصادرها بشتى السبل، فالمخزون العالمي للوقود التقليدي الأحفوري ينخفض يومياً ويتجه نحو النضوب، ولا بد من البحث عن بدائل أخرى قبل الوصول إلى تلك الحالة السوداء.
ويعتمد مفهوم التنمية المستدامة على الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية، والتي يعتبر الوقود الأحفوري إحداها من جهة وتعتبر بنفس الوقت من المصادر الرئيسية المسببة لتلوث البيئة، ومن هنا جاءت أهمية البحث عن بدائل لطاقات جديدة تكون صديقة للبيئة والتي تعتبر الطاقات المتجددة إحداها، أيضاً يلعب العامل الاقتصادي دوراً كبيراً في البحث عن طاقة أقل تكلفة من أنواع الوقود الأخرى، فأسعار الوقود التقليدية في تصاعد مستمر ويتزايد الطلب عليه ونقصان مخزونه عالمياً، يجعل مسألة تأمين المستلزمات الطاقية في كثير من الدول عبئاً حقيقياً على اقتصادياتها وخاصة تلك التي لا تنتج هذا النوع من الوقود أو ليس لديها المخزون الكافي.
وأشار شقير إلى أن الشمس والرياح والمياه والكتلة الحيوية تعتبر من الطاقات النظيفة وغير القابلة للنضوب بالمقارنة مع الطاقات التقليدية الأحفورية، أما بما يخص الجدوى الاقتصادية لاستخدام هذا النوع من الطاقات المتجددة أو ذاك النوع، فذلك يختلف من بلد إلى آخر وفقاً للكمون المتوافر من هذه الطاقات والحالة الاقتصادية ونوع التكنولوجيا المستخدمة، بكل الأحوال ووفق الحالة الراهنة لا يتم استخدام الطاقات المتجددة في تلبية الطلب على الطاقة بدلاً من التقليدية، وإنما لأسباب ترتبط برفع أداء المنظومات الكهربائية وتوفير الوقود التقليدي والتقليل من آثاره البيئية، باعتبار أن محطات توليد الكهرباء التي تعتمد على الطاقات المتجددة تتميز بعدم الاستمرارية والموثوقية العالية، في حين أن أي منظومة كهربائية يجب أن يتوافر فيها هذان العاملان. لافتاً إلى أنه لا يمكن إغفال مسألة التكاليف المرتفعة نسبياً لتكنولوجيا الطاقات المتجددة بالمقارنة مع التكنولوجيا المستخدمة في المحطات التقليدية، والتي تحول في كثير من البلدان الفقيرة إلى عدم الدخول في مجال استخدامها بشكل واسع على الرغم من توافر كمون عالٍ منها في تلك البلدان، إلا أن هذا العامل آخذ بالتضاؤل بسبب الانخفاض المستمر في أسعار التكنولوجيات الخاصة باستخدامها، فقد شهدت السنوات الأخيرة هبوطاً سريعا للأسعار، وهذا يعطي في المستقبل القريب، إمكانية كبيرة للتوسع والانتشار الكبير لاستخدامها محلياً، حيث إن جدواها الاقتصادية ستصبح جيدة في ظل التزايد المستمر في أسعار النفط والغاز.
وبالنسبة للطاقات المتجددة في بلدنا فيمكن إقامة مشروعات تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح للطاقة الشمسية، حيث تتميز سورية بوقوعها ضمن نطاق جغرافي ذي سويات عالية من السطوع الشمسي، مما يمنحها فرصة الاستفادة من موقعها المتميز بالاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث يستقبل المتر المربع الواحد سنوياً ما يزيد عن 1800 كيلو واط ساعي وسطياً، أي ما يزيد عن 5)ك. و. س يومياً، فضلاً عن توافر ما يزيد عن 300 يوم مشمس سنوياً ما يتيح لنا استثمار هذه الطاقة بشكل كبير.
كذلك طاقة الرياح حيث يتمتع هذا النوع بكمون ريحي نظري لإنتاج الطاقة الكهربائية يقدر بحوالي 40 – 80 ألف ميغا واط، وقد قامت وزارة الكهرباء خلال السنوات السابقة بتقييم وتحديد المناطق الواعدة ريحياً والتي تصلح لإنشاء مزارع ريحية لتوليد الطاقة بتركيب محطات خاصة لرصد قيم سرعة الرياح في هذه المناطق إضافة لوجود كتلة الطاقة الحيوية فـحسب إحصائيات عام 2010 فإن الكميات السنوية للكتلة الحيوية من بعض المخلفات النباتية والحيوانية ومحطات الصرف الصحي بلغت حوالي 379 مليون طن، وفي حال عولجت بالهضم اللاهوائي يمكن أن تنتج سنوياً 4.6 مليار م3 من الغاز الحيوي، وهذا يعادل تقريباً 25 مليار كيلو واط ساعي (حراري) أو 2.7 مليار ليتر مازوت، أو 2.3 مليار طن مكافئ نفطي أي حوالي 10٪ من الطلب الكلي على الطاقة، كما أن رواسب عملية الهضم اللاهوائي لهذه المخلفات والتي يمكن ان تصل إلى حوالي 341.5 مليون طن سنوياً تعتبر سماداً عضوياً عالي الجودة يمكن استخدامه لتخصيب الأراضي وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية.
وأشار شقير إلى أن ما يميز الطاقات المتجددة أنّها أكثر صداقة للبيئة، مقارنة مع طاقة الوقود الأحفوري، حيث لا يترافق الحصول عليها مع إنتاج كمية كبيرة من المخلفات، كما أنها تحافظ على التربة والمياه بشكل كبير، والحصول عليها لا يتزامن مع إنتاج غاز ثاني أوكسيد الكبريت الذي يسبب المطر الحمضي وفي الوقت ذاته يؤدي حرق الوقود الأحفوري إلى إنتاج غازات على رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب الرئيس لظاهرة الاحتباس الحراري، فلماذا لا يتمّ التحوّل إلى إنتاج طاقة نظيفة صديقة للبيئة..؟!.
وبين أنه من هذا المنطلق تعدّ سورية من أغنى عشر دول في العالم بتنوع مصادر الطاقة المتجددة، حيث توجد فيها مساحة 54 ألف كم2 تصلح مصدراً للطاقة الريحية فتقدّر بحوالي، أما المساحة التي تصلح مصدراً للطاقة الشمسية فتقدر بحوالي 56 ألف كم2 ، وقد تصل فيها شدة السطوع الشمسي إلى 4 كيلو واط/ للـ م2، كما أن عدد أيام السطوع الشمسي يصل إلى 312 يوماً وهي فترة قادرة على توليد ما نسبته 10 مليارات كيلو واط ساعي سنوياً في حال تم الاستفادة من الشمس، فالمساحات الصحراوية المتوافرة وغير المستثمرة والتي تصلها شبكة الطرق، تشكّل البنية التحتية لإقامة محطات إنتاج الطاقة الشمسية وفق تقنية إنتاج البخار من حرارة الشمس لتوليد الطاقة الكهربائية وشبكة نقل الطاقة التي تغطي مجمل الأراضي.