الأديبة د.مريم الشناصي: “اللغة العربية تجمعنا” حتى في الهند
الشارقة- غالية خوجة
تتماوج أشعة الشمس في قلب الشارقة القديمة كما تتماوج رحلة الأديبة الناشرة الفارسة العربية الإماراتية الدكتورة مريم الشناصي مع الكتابة وفن التصوير والفروسية ومبادرتها الفردية من أجل اللغة العربية، رغم اختصاصها العلمي، من خلال مشروعها “اللغة العربية تجمعنا” لدعم اللغة العربية في الدول الناطقة بغيرها، وأسستها في الهند بلد المليار، التي كرمتها بطوابع رسمية عليها صورتها الشخصية مع صورة تاج محل، وصار عشاق العربية منهم يطلقون عليها “سفيرة الإمارات الأدبية في الهند”.
مبادرة ومهرجان ومكتبات
فماذا عن هذه المبادرة؟
أخبرتنا د.مريم الشناصي بأن فكرة المبادرة انطلقت منذ (10) سنوات، مع الكثير من تساؤلاتها، مثل هل اللغة العربية لغة فاعلة في هذا الزمن؟ ما وضعها الحالي؟ ما أهم معوقاتها؟ وكيف نستطيع النهضة بها في عالمنا العربي وخارجه؟
وأجابت: رأيت أن المساهمة بمبادرة فردية من أجل لغتنا العربية قد تكون مؤثرة، وبالفعل، انطلقت من الهند، وتحديداً، “كيرالا”، ولاحظت أن محبّي اللغة العربية متعطشون لدراستها وتعلّمها، فأسست “اللغة العربية تجمعنا”، وشحنت الكتب العربية حصراً، ووزعتها، وأسست بعض المكتبات التي تجاوزت كتبها نصف مليون كتاب، كما أسس الكاتب الإماراتي ناصر الظاهري وبمبادرة فردية منه، مكتبة باسمه، وذلك بعدما رافقني إلى الهند لحضور أحد المؤتمرات الخاصة باللغة العربية، وشاهد، مثل العديد من الكتّاب الإماراتيين الذين رافقوني بمبادراتهم الفردية، الإقبال الذي لا يصدق على اللغة العربية وكتبها العربية عموماً، والكتاب الإماراتي خصوصاً، ولاحظت أن هذه الحيوية أثرت على بعض الجامعات في دول الخليج من اهتمام ومشاركة مثل جامعتي السلطان قابوس والكويت.
شعراء هنود يكتبون الشعر العربي
وحول تفرعات مبادرتها إلى مهرجان الثقافة العربية، وجائزة د.مريم الشناصي للشعر العربي لغير الناطقين باللغة العربية، قالت: أسست مهرجان الثقافة العربية الذي أشرف عليه منذ عام 2014، بفعالياته المتنوعة ومنها المؤتمرات التي تتضمن جلسات أدبية، وتقديم أوراق عمل مختلفة يقدمها الهنود والعرب في مجال الدراسات، إضافة إلى ورشات عمل عن العروض، وعادة ما يقدمها الشاعر الكويتي سالم الرميضي، وورش تفاعلية عن القراءة والنحو والإملاء، وجلسات حوارية، ومسابقات أدبية لطلبة البكالوريوس، وفقرات أناشيد هندية وعربية، ومقامات موسيقية، وجلسات شعرية لشعراء هنود يكتبون باللغة العربية الفصحى وليس مهماً أن تكون القصيدة على البحور والتفعيلة.
وأضافت: من هنا، ولشغفي بالمبادرة كرسالة عربية إنسانية ثقافية حضارية، انبثقت جائزتي للشعر في الهند، ومن خلالها، اكتشفت مواهب مبدعة لأن عشق اللغة العربية لا يتوقف على الاختصاصيين، وهذه المبادرة أثّرت في قلوب وعقول عشاق اللغة العربية، فصاروا يحضرون معارض الكتاب في الدول العربية مثل معرض الشارقة وأبو ظبي والكويت، وأصبح لديهم شغف لقراءة المزيد من الأدب العربي، إضافة لفخرهم بتواصلهم مع العرب، خصوصاً، أن أصحاب اللغة العربية هم الذين يبادرون بأنفسهم من أجل لغتهم، ويعتزون بامرأة عربية تحمل المبادرة على عاتقها، ويزدادون اعتزازاً بحركة الترجمة المباشرة من العربية إلى الهندية دون لغة وسيطة.
تحديث المعلومات بعد الخمسينيات
واسترسلت مجيبة عن أهم استنتاجاتها من هذه المبادرة: أولها أن العربية في الهند لغة الآداب كتابة وشفاهة، وثانيها أن عدد الراغبين في تعلّمها ودراستها وتدريسها ازداد وازداد معه الاهتمام بتطور حركة الأدب العربي والخليجي عموماً، والإماراتي خصوصاً، لأن الزمن الأدبي العربي كان متوقفاً عندهم حتى فترة الخمسينيات، ولم يكن هنالك تبادل لتحديث المعلومات والتعرف على الأدب العربي المعاصر والحديث.
وتابعت مبتسمة: ونظراً لاهتمامي المتواصل في مجال لغتنا، أطلق الطلاب والدارسون اسم “العصر الشناصي للعربية” على هذه الفترة المستمرة في تعاملي معهم، وهي دلالة على حركة حيوية مفصلية مؤثرة ومزدهرة للغة العربية في الهند.
واجبنا الدفاع عن لغتنا
واختتمت الشناصي: قناعتي أن كل الشعوب تدافع عن لغاتها، وواجبنا كعرب أن ندافع عن لغتنا وننشرها ونوصل الكتب الجيدة، ونشجع على الكتابة بالعربية، لأن هناك من يقرأ، ومن ينتظر كتب الأدباء العرب ومبادراتهم الخاصة في هذا المجال.
وأخيراً، لا بد أن أذكر بأن الكاتبة د. مريم الشناصي أصدرت رواية “مذكرات فارسة عربية”، المترجمة لعدة لغات منها المالامية، وبحكم اختصاصها العلمي وحصولها على درجة الدكتوراه في “ميكروبيولوجيا البيئة والغذاء” من جامعة غلاسكو كالدونيا ـ المملكة المتحدة/ 2002″، حاضرتْ كثيراً في هذا المجال وكتبت العديد من المقالات والدراسات، وأصدرت كتابها “المقصف الغذائي”.