مأساة غزة مثال للجنوب العالمي
تقرير- عناية ناصر
قامت العديد من دول الجنوب العالمي بإدانة الفظائع الوحشية التي ترتكبها “إسرائيل” بشكل يومي في غزة، في إشارة واضحة أن المأساة في غزة لا تتعلق فقط بالقمع الذي تتعرض له فلسطين، ولكنها تعكس أيضاً الظلم الممنهج الذي تتعرض له دول الجنوب العالمي من قبل القوى المهيمنة.
لقد فشل مجلس الأمن في 18 نيسان 2024، في تأييد مسعى فلسطين لتصبح عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، بسبب استخدام الولايات المتحدة لحق النقض. وكانت هذه هي المرة الثانية خلال 13 عاماً منذ أن قدمت فلسطين مثل هذا الطلب لأول مرة، حيث تم رفض عرضها سابقاً، بسبب أن عضويتها قد تقوض مصالح “إسرائيل” والولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
عانت بلدان الجنوب العالمي لفترة طويلة من قمع القوى المهيمنة في سعيها لتحقيق الاستقلال الوطني والتنمية، حيث فرض الغرب في كثير من الأحيان عقوبات، حتى أنه غزا بلدان الجنوب العالمي لإجبارها على تبني النماذج السياسية الغربية، وتحمل الاستغلال الاقتصادي الغربي. فعلى مدار العقود الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات، أو أطاحت أو حاولت الإطاحة بحكومات ما يقرب من 100 دولة من دول جنوب الكرة الأرضية. وزعمت القوى المهيمنة أنها تحمي الديمقراطية والحرية، ولكنها في الواقع تحرم بلدان الجنوب العالمي من حريتها في اختيار نموذج التنمية والنظام السياسي بشكل مستقل، والحصول على الاستقلال الاقتصادي. ومن خلال دعم الاستقلال الفلسطيني، تدعم دول الجنوب العالمي أيضاً استقلالها وسيادتها، إذ منذ بداية الحرب على غزة ، ظلت بلدان الجنوب العالمي تعرب عن مخاوفها، وتضغط من أجل وقف إطلاق النار من خلال إجراءات ملموسة. وفي هذا الخصوص رفعت جنوب أفريقيا دعوى إبادة جماعية ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية، وقطعت كولومبيا وبعض الدول الأخرى علاقاتها الدبلوماسية مع “إسرائيل”، لكن عملية صنع القرار في الشؤون الدولية لاتزال حكراً على حفنة من القوى التي تتصرف بغطرسة وتفلت من العقاب، بل وتعيق الاتجاه التاريخي نحو المزيد من الديمقراطية في العلاقات الدولية.
إن الظلم الواقع على أغلبية دول العالم هو ظلم كبير، ولم يعد الجنوب العالمي قادراً على تحمل القمع المؤسسي الذي تفرضه قِلة من البلدان. ولذلك لن تقبل دول الجنوب العالمي وضع نفسها تحت رحمة القوى المهيمنة، أو أن تستبدل استقلالها الوطني وسيادتها بحقوقها الأصيلة التي سلبتها القوى المهيمنة. وفي مواجهة الظلم الممنهج، يجب على دول الجنوب العالمي أن تتحد لإصلاح النظام الدولي غير العادل من أجل خلق عالم جديد من الإنصاف والعدالة.