لأجل الهوية والحق الوطني السوري
علي اليوسف
من السذاجة أن يعتقد الكيان الصهيوني أنه قادر على دق إسفين في محور المقاومة، من خلال ارتكاب جريمة بشعة في مجدل شمس يأمل أن يحرف الأنظار عن مسؤوليته الكاملة عنها، وتوظيفها في ظل المأزق الصعب السياسي والعسكري الذي يمر به على خلفية الهزيمة اليومية التي يعيش فصولها ميدانياً في غزة، وضربات محور المقاومة التي تزداد قوة وتركيزاً واتساعاً وفعالية.
إنّ مجزرة الملعب البلدي بمجدل شمس المحتلة التي راح ضحيتها 12 طفلاً ما هي إلا محاولة فاشلة لسلخ الجولان العربي السوري عن طبيعته الجغرافية وامتداداته العائلية، وهو الذي كان ولا يزال يرفض التواطؤ على هويته السورية العربية، شأنه شأن كل الأحرار في العالم وفي الوطن العربي، وخاصة المعروفيين الموحدين الوطنيين العروبيين هم قلباً وقالباً مع الجولان، فهو عمق المقاومة، وجزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة التي لن تعود إلى كنفها الطبيعي إلا بالصمود والمقاومة.
فالكل على يقين بأن أهلنا في الجولان السوري المحتل، الذين رفضوا على مدى عقود من الاحتلال الإسرائيلي، التنازل عن هويتهم العربية السورية، لن تنطلي عليهم أكاذيب الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية، فأهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل، ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية.
منذ ذهابه إلى الكونغرس ولقائه جوقة المجرمين ومشهد الدعم المخزي الذي لقيه هناك بعد مقاطعة أكثر من ثمانين نائباً، وفشل مشروعه القاضي بتفتيت المنطقة وضرب محور المقاومة، توقع الكثيرون مغامرة من نتنياهو في هذا الوقت الحساس الذي تزداد فيه خسائره أمام ضربات المقاومة الفلسطينية، وانهيار صورة “إسرائيل” على مستوى الشارع العالمي، وحتى الرسمي. إذ ما معنى أن يقترف جريمة مجدل شمس، إلا بهدف تصعيد الأوضاع في المنطقة، والهروب إلى الأمام من الفشل العسكري والسياسي والشخصي؟
من المثير للسخرية أن يحمّل قادة الكيان المقاومة اللبنانية المسؤولية، وكأن لا عقل يستوعب محاولاتهم المفضوحة لاختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانهم على المنطقة. أما الأكثر سخرية أن تقر وسائل إعلام الاحتلال نفسه بأن القبة الحديدية أصابت مجدل شمس السورية المحتلة، وفق ما صرّح به المتحدث باسم جيش الاحتلال لجهات أجنبية، لكن كما جرى مع التصريحات التي أدلت بها المسّنة الإسرائيلية يوخباد ليفشيتس، التي تم تحريرها في غزة، وكانت مفاجأة صادمة لحكومة نتنياهو، سرعان ما تغيرت الرواية حول تفجير الجولان المحتل لتسويق رواية جديدة تتهم المقاومة لاستغلال ما حصل وإبعاد التهمة عن كيان الاحتلال الذي يواصل جرائمه في غزة ولبنان وجميع المناطق المحتلة.
إن ما حصل في مجدل شمس لا يقبل إلا أحد أمرين: إما “خطأ صهيوني”، أو فعل متعمد لتوظيفه في الميدان والسياسة تزامناً مع وجود نتنياهو في واشنطن، فمقاتلو المقاومة لا مكان للخطأ لديهم، فكيف الحال والمدنيون هم أهالي مجدل شمس السورية العصاة على “الأسرلة”!
وأمام هذا الحدث الجلل، فإن أكثر ما يثلج الصدور هي تصريحات مشايخ العقل الذي أكدوا عروبتهم ووطنيتهم، ووعيهم ودعواتهم إلى عدم الانزلاق في سياق مشروع العدو التدميري، وهو ما تعمل عليه “إسرائيل” منذ زمن بعيد لإشعال الفتن وتفتيت المنطقة واستهداف مكوّناتها الوطنية، وهم الذين أسقطوا هذا المشروع في السابق، وإذ يطل برأسه من جديد فبكل تأكيد سيكونون له بالمرصاد إلى جانب المقاومة، وكل المقاومين الذين يواجهون الإجرام والاحتلال الإسرائيلي.
وما دام الوعي بهذا الحجم.. بحجم الهوية والحق الوطني السوري، ستبقى هذه الأرض المباركة شوكة بعين كيان الاحتلال، ومجدل شمس كما باقي قرى الجولان المحتل ستبقى عرين المقاومة، وهي التي خرجت الآلاف من المقاومين الأبطال، من صدقي المقت إلى سيطان الولي وأحمد القضماني إلى باقي قافلة المقاومين الذين ارتقى بعضهم شهداء على درب حرية وكرامة وعروبة الجولان المحتل الذي سيبقى سورياً عربياً خالصاً.