بموافقة الزبون.. انتشار واسع للغش في مختلف الأسواق وتسويق ناجح على قاعدة “الأرخص”
دمشق- البعث
يبدو أن قلّة الدخل وانخفاض المستوى المعيشي دفعت الناس للبحث عن الرخص في كلّ شيء، لنجد الكثيرين يحاولون الحصول على أرخص المواد دون الاهتمام بعمليات الغش التي قبلوا بها في أسواق اللحوم والخضار والأجبان والألبان الرخيصة، حيث يتلاعب تجار هذه الأسواق بصحة هؤلاء المواطنين محققين أرباحاً خيالية لم تكن تخطر ببالهم في يوم ما.
وجولة صغيرة على الأسواق ستكشف بسرعة التلاعب بالمواد من حيث جودتها وفاعليتها وبالكميات، فالعبوة التي كنت ممتلئة بالمنظفات مثلاً انخفضت كميتها إلى النصف وانعدمت جودتها، والألبان باتت اليوم عبارة عن ماء ونشاء مع إضافة عدد من المنكهات لتُخفي عملية الغش، وعند مرورك بمدخل سوق اللحوم في منطقة باب سريجة ستفوح روائح اللحوم المختلفة التي تشكّ في كثير من الأحيان أنها لحوم معدّة للاستهلاك البشري، فقد انتشرت في هذه المنطقة لحوم غير صالحة للأكل، وخاصة مع غياب الكهرباء وفساد كميات كبيرة من هذه اللحوم، حيث يتمّ تنظيفها بمواد كيميائية لإزالة رائحتها الكريهة وطرحها في الأسواق والمطاعم بالتعاون مع ضعاف النفوس على أنها لحوم طازجة ويقومون بإضافة الصبغات والبهارات عليها كي لا يكتشف المواطن غشهم وتزويرهم، إضافة إلى الورشات التي تمّ ضبطها تقوم بعملية الغش من خلال تعبئة مياه الآبار على أنها مياه معدنية في عبوات المياه المعدنية التي تحمل ماركات “الفيجة- بقين”، كذلك وصل الغش إلى تعبئة أسطوانات الغاز من خلال تخفيض كمية الغاز داخل الأسطوانة أو تعبئتها بالماء، ولا ننسى قيام الكثير من التّجار ببيع المواد الغذائية التي انتهت صلاحيتها.
بدورها مديريات حماية المستهلك طالبت المواطنين من خلال اللقاءات والاجتماعات ووسائل الاعلام بالتأكد عند شرائهم لهذه المنتجات رخيصة الثمن، وعليهم الإبلاغ عن أي مخالفة يصادفها، فقد تمّ إغلاق عدد كبير من المحلات المخالفة، ودوريات المديرية موجودة في كل مكان، لكن الحاجة أكبر وحجم العمل يتطلّب عدداً أكبر من العاملين في مجال الرقابة والتفتيش، وهذا يتطلّب مساعدة المواطن في ذلك لتقديمه الشكاوى للمديرية ليتمّ ضبط المخالفات من خلال الأرقام الساخنة التي تمّ تخصيصها، وعن قيام بعض ضعاف النفوس تؤكد دائماً أنها تقوم بتوجيه دوريات الحماية لتشديد الرقابة على جميع السلع الأساسية المتعلقة بمعيشة المواطن اليومية، حيث تمّ اعتماد نظام المجموعات بتغطية الرقابة على الأسواق، ومع كثرة شكاوى الناس من فلتان الأسعار، وكثرة المواد المغشوشة، وظهور حيتان جدد انتهزوا حاجة الناس لزيادة أرباحهم، واحتكار المواد الأساسية واليومية للمواطن.
لا شكّ أن الغش بشكل عام هو أحد عوامل ضعف التنشئة الأسرية التربوية وعدم نمو الضمير برأي الدكتورة هدى الناشد (علم اجتماع)، والغش سلوك خطير لا يدرك الكثيرون أبعاده المدمرة للمجتمعات، وسلوك غير صحي يكتسبه الإنسان من خلال المجتمع، لذا علينا ضبط هذه الظاهرة بشتى الطرق لحماية مجتمعنا من مستقبل خطير، فانتشاره يؤدي إلى انتشار العديد من الأمراض الاجتماعية الخطيرة كالكذب والسرقة والقتل، وهو ما يعني أن الغش يمكن أن يصل إلى مرحلة يكون فيها السبب الأول في هدم المجتمع كله.