مهلا بمدينة طرطوس…
وائل علي
سارع مجلس مدينة طرطوس الخطى لمنح غرفة سياحة طرطوس “المقتدرة” رخصة إشغال مؤقتة وفق التوصيف الحرفي للترخيص لإشادة بناء طابقي بقواعد وأعمدة وأساسات بيتونية بمساحة مئة وعشرة أمتار على الكورنيش البحري، قابلة للتمدد بحكم طبيعة ومنطق الأشياء والتعديلات الطارئة والعادة المتأصلة في النفس البشرية، والاستفادة من التغاضي والتساهل الذي أبداه ، ويبديه، المجلس بدوراته المتعاقبة حتى تخال أن الدنيا ضاقت ولم يعد من متسع سوى “البلاج” البحري ليكون مقرا ومستقرا للطامحين…!!
ولما كان الشيء بالشيء يذكر، فقد سبق للمجلس البلدي – كما هو معلوم – أن منح رخصة إشغال مؤقتة قبلها بمساحة تسعمئة متر لبناء مركز إذاعي وتلفزيوني جديد لم ينفذ لتاريخه…!
وعلى هذا الأساس: ما الذي يدرينا أن تطلع علينا غدا غرفة الملاحة البحرية مثلا، أو اتحادات الغرف، أو أي جهة أخرى، بطلب رخص إشغال مؤقتة مماثلة لتكون مقرات لها إطلالتها البحرية الساحرة التي تنسجم مع ماهية أعمالها الإدارية المكتبية البحتة التي نعتقد أنه بالإمكان تنفيذها في أي مكان، ولو في أقاصي الجبال، وليس بالضرورة أبدا أن تكون على الشاطئ أو الكورنيش البحري الذي أرسى حجر أساس إشادته شخصياً، قبل عشرين عاماً، السيد الرئيس بشار الأسد، ليكون متنفسا لكل أبناء المدينة وضيوفها وزوارها، وسبق لسيادته أن تفقد أعمال ومراحل التنفيذ أكثر من مرة، لحين إنجاز أول وأضخم كورنيش بحري عصري حظيت به مدينة بحرية بكلفة قاربت الملياري ليرة حينها..
لكن، وعلى هذا المنوال، سنحتاج خلال سنوات قليلة قادمة لإشادة كورنيش آخر، لأننا سنغدو، ببساطة شديدة، بحاجة لكورنيش بحري جديد…!!
وبتقديرنا، فإن مجلس مدينة طرطوس – وهو المؤتمن على حسن إدارة واستثمار الأموال المنقولة وغير المنقولة – لا يملك حق تصرف المالك بتلك الأموال على نحو ما جرى تحت أي ظرف…
الغريب والمريب، في آن، أن مجلس مدينتنا لم يمض على إعلانه التوصل لمعالجة معضلة الواجهة الشرقية للكورنيش البحري، التي تقع على مرمى حجر من موقع الرخص الممنوحة، وهذا يعني فيما يعنيه أن بإمكان غرفة السياحة وسواها شراء المساحة التي تريد من مالكي العقارات المباشرين بعد الإيذان بالترخيص في العقارات الواقعة ضمن الواجهة البحرية ليس لبناء مقراتها فحسب، بل ومشروعاتها الاستثمارية السياحية الفندقية (ربما!!)، أو العقارية وغيرها، ما سيحقق عائدا استثمارياً محترماً لا يستهان به يغذي خزائنها ويدعم أعضاءها ومنتسبيها، بدل الاكتفاء بمبنى إداري يحتاج لنفقات تشغيلية منظورة ومستورة تستنرف قدراته وإمكاناته…
ترى.. ألا يعد ذلك تفريطاً بأملاكنا تحت يافطات وعناوين لو فكر “المفرطون” بروية، حينها، لما أدرجوها، ولما ناقشوها أساساً بجدول أعمالهم، وهذا بحد ذاته مدعاة للمساءلة عن الدوافع والذرائع – لقاء التصرف بما اؤتمنوا عليه – تحت إغراء النفوذ والضغط والمصالح الشخصية أغلب الظن، والتي ستكشف الأيام وقائعها…
إن إعادة النظر بتراخيص الإشغال المؤقتة وسحبها من التداول أمر غاية في الأهمية، ويستقيم مع روح وشروط “الإشغال المؤقت” التي تحظر، فيما تحظر، استخدام المواد الثابتة والبناء الطابقي، ولكم في مطاعمكم الاستثمارية البحرية الأربعة أسوة حسنة.. فمهلاً مهلاً بمدينة طرطوس…!!