أولمبياد باريس كشف رياضتنا على حقيقتها.. فهل ينقذ معن أسعد سمعتها؟
ناصر النجار
أنهى أولمبياد باريس أكثر من نصف المشوار وبدأت الصورة العامة تتضح، وبدأ أولمبياد باريس يرسم خريطة جديدة للرياضة العالمية، فيما لا تزال الدول العربية بعيدة عن الركب، وإن كنا نلمس التحسن الواضح في بعض الألعاب الجماعية والفردية وألعاب القوة، وبالفعل بدأ بعض الرياضيين العرب يدخلون عنوة قائمة المنافسين وإن كانوا بأعداد قليلة، لكن الخير موجود بالكثير منهم الذين اقتربوا من منصات التتويج وتركوا الأثر الحسن والبصمة الواضحة، وهذا دليل على التطور الرياضي الذي تشهده بعض الدول في الكثير من الألعاب وعلى الخطة الاستراتيجية التي تعتمدها في بناء الرياضة وتطويرها.
ولا شك أن هناك بعض الدول العربية لم تحقق من مشاركتها في الأولمبياد إلا الوجود وجاءت نتائجها بعيدة كل البعد عن المستوى الدولي، ومنها بلا شك رياضتنا التي دخلت الأولمبياد وكأنها تدخل على احتفال هي بالأصل ضيف شرف فيه.
نحن لا ندعي عندما دخلنا منافسات الاولمبياد أننا كنا سننافس على الصدارة وعلى الميداليات، لأننا نعرف مستوى رياضتنا ومستوى لاعبينا، لكننا كنا نتمنى أن يخرج لاعبونا بمستوى لائق وأداء يرفع الرأس ومركز مقبول نسبياً، لكن مثل هذه الصورة الهزيلة التي ظهر عليها لاعبونا لا نستطيع أن نقول إلا (هزلت) والوضع الرياضي لم يعد بعد الآن من الممكن السكوت عنه لأن ما يحصل هو تدمير للرياضة وإهانة للرياضة السورية.
والمخجل في الأمر عندما يصور لنا البعض من المطبلين على صفحات الاتحاد الرياضي الرسمية أن لاعبينا كانوا جيدين وأن المراكز معقولة ومقبولة، كأن يقولوا إن السباح عمر عباس جاء ثالثاً في مجموعته ونسوا أن يقولوا إنه جاء في المركز قبل الأخير ولم يسبق إلا لاعبا باكستانيا، مع العلم أن السباحة في الباكستان ما زالت تحبو وليست مثلنا عريقة ولها ماض مشرف بسباحين كان لهم صولات وجولات.
والمخجل أكثر أن لاعب الجودو كان خيال لاعب ولم يصمد على الحلبة إلا لثوان، وبات الجميع يتساءل: هل هذا لاعب يتقن رياضة الجودو ويعرف أساسياتها؟ بل إن البعض تكلم من مبدأ المضحك المبكي (لو أن أي شخص دخل الحلبة مكان اللاعب لحصل على النتيجة ذاتها).
وفي الجمباز كان الوضع أدهى وأمر رغم أننا اعتمدنا على لاعب مغترب، لكن يبدو أن خيارنا لم يكن صحيحاً، والجميع يعرف تماماً قصة الجمباز المسافر إلى الأردن وكيف أن الاتحاد الرياضي الراعي لألعابه تخلى عن البعثة، وقال لهم :سافروا على نفقتكم إلى البطولة العربية، ويكفيكم أن نتصور معكم إذا حققتم نتيجة أو مركزاً!
ما حصل في أولمبياد باريس من مستوى متدن وأداء مخجل يجعلنا نعيد حساباتنا، فنقول: هل من حقق الذهب في الدورة العربية في الجزائر قبل عام هو نفسه من جاء بالمراكز الأخيرة في أولمبياد باريس، أم إن الدورة العربية كانت لأصحاب النخب الثالث والرابع عربياً؟ وهل البطولات التي حققها رياضيونا في الدورات التي يطلقون عليها ألقاباً ما أنزل الله بها من سلطان، هي فعلاً بطولات دولية وآسيوية، أم إنها مجرد دورات ترفيهية وسياحية؟ هنالك فوارق كبيرة بين ما حققنا في هذه الدورات وبين الواقع الأليم في باريس، فهل من تفسير لذلك، أم إن الضحك على الذقون سيبقى ساري المفعول حتى إشعار آخر!
بيت القصيد اليوم بما تبقى لنا من مشاركات، والأنظار تتطلع إلى فارسنا عمرو حمشو الذي سيدخل المنافسات، الخامس من هذا الشهر، مع 75 فارساً من مختلف دول العالم، الحمشو يملك الخبرة الكافية لأنه استعد بشكل جيد ودخل الأولمبياد بعد تصفيات مريرة وصعبة والآمال معقودة عليه لتبييض صفحة الرياضة، مع العلم أن أي انجاز يحققه الفارس لا يحسب للاتحاد الرياضي العام لأن الفروسية ليست من اختصاصه والجميع يعرف ذلك.
الأمل الوحيد لرياضتنا محصور بالرباع معن أسعد، والجميع يدعو له ليوفق في نزاله الأصعب، الجمهور كله ينتظر معن ليرفع اسم بلدنا عالياً، والقائمون على الرياضة ينتظرون معن ليحميهم ويبقيهم على كراسيهم، وشتان شتان بين هذين الأملين.
لذلك الجميع ينتظر يوم العاشر من الشهر الجاري على أحر من الجمر ليرى معن قد حمل الرياضة السورية على أكتافه وأنسانا مآسي بقية الألعاب.
ومن المعيب أن نذكر التنافس الحاصل داخل المكتب التنفيذي على السفر إلى باريس ومعهم جماعة المتنفذين والمقربين، وهذه عادة موروثة بكل المشاركات الخارجية ولنا وقفة قادمة معها.