بنغلادش ودور أمريكي مشبوه
تقرير- سنان حسن
في الوقت الذي تتسيد مشاهد القتل والمجازر التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وبالتحديد في غزة، كان لافتاً الأخبار التي أدلت بها رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة إلى صحيفة “ذي إيكونوميك تايمز” ، والتي أشارت فيها إلى أن واشنطن متورطة في استقالتها، لأنها رفضت سابقاً السماح للجيش الأمريكي بإقامة قاعدة عسكرية في جزيرة سانت مارتن في خليج البنغال.
تصريح يؤكد من جديد الدور الأمريكي المشبوه في التدخل بشؤون الدول الداخلية ومحاولة فرض أجنداتها السياسية عليها، ولكن لماذا بنغلادش، وهذا التوقيت، هل من مشاريع جديدة على أجندة واشنطن في شرق آسيا؟، وما علاقة الصين بكل ذلك؟.
مع وصول الرئيس الأمريكي جون بايدن إلى السلطة، عمل على تنشيط العديد من الاتفاقات الأمنية والعسكرية مع عدد من الدول في شرق آسيا على غرار اتفاق كواد وحلف أوكوس، وتعزيز الدعم العسكري لأستراليا وتزويدها بغواصات نووية، وتطوير اتفاقات أمنية مع طوكيو والهند وكوريا الجنوبية والفلبين وتايلاند وتايون، وإطلاق شراكات اقتصادية عابرة للحدود كما جرى في نيودلهي، والهدف كله محاصرة الصين وزيادة الضغط عليها، ومنعها من ممارسة أي دور لها في المنطقة والعالم، فالعقيدة العسكرية الأمريكية التي تم تحديثها في عام 2018 وضعت بكين وموسكو كألد عدوين لواشنطن في العالم، وبالتالي ما جرى في بنغلادش وفق ما كشفت عنه رئيسة الوزراء المستقيلة، تؤكد أن هدف واشنطن في وضع داكا في قائمتها السوداء مستمر، فالدولة الآسيوية التي تتربع على موقع مهم، سبق وأن طلبت منها واشنطن الانضمام إلى تحالف كواد الأمني مع أستراليا واليابان والهند ولكن رفضت، وبالتالي واصلت العمل على تحقيق الفوضى حتى نجحت بذلك.
يشكل التدخل الأمريكي في شؤون الدول الأخرى، سياسة راسخة في العقيدة الأمريكية، حتى عملت واشنطن بكل الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والمخابراتيه واستخدام المرتزقة للوصول إلى مبتغاها السياسي لضمان هيمنتها على العالم، وهي كما قال العالم السياسي الأمريكي الراحل روبرت غيرفيس في مقدمة كتاب بعنوان “التدخل الأمريكي الجديد”، إن “التدخل أمريكي في الدول مثل فطيرة التفاح، يكفي أن إحدى الدراسات كشفت عن قيام الولايات المتحدة بما لا يقل عن 81 تدخلاً علنياً وسرياً في الانتخابات بالدول الأخرى خلال الفترة ما بين 1946 إلى 2000، لنكتشف مدى الاعتماد الأمريكي على هذا النوع من التدخل اللاشرعي في شؤون الدول”.
واليوم وفي ظل ما يجري في العالم من أحداث في أوكرانيا وفلسطين، وقبله ما جرى من أحداث ما يسمى بـ” الربيع العربي” ويجري في بنغلادش وفنزويلا اليوم، فإن النهج الأمريكي القائم على الغطرسة والهيمنة ورفض كل السعي العالمي لبناء مجتمع دولي جديد بعيداً عن القطبية الأحادية، في طريقه إلى الاضمحلال والتفكك، مع ظهور تكتلات وتحالفات جديدة تضع التنمية والأمن في مقدمة أولوياتها، ولعل في تجمع البريكس مثال على ذلك.