سوء التنظيم والعنصرية يغلبان على الأولمبياد الباريسي
البعث-وكالات
انتهت الألعاب الأولمبية الصيفية بنسختها الباريسية، والتي بدأت في 26 تموز الماضي واستمرت لمدة 15 يوماً، وشارك فيها أكثر من 10500 لاعباً ولاعبةً، لتستعر بشكل أقوى نيران الاتهامات بسوء التنظيم بعد أن تعالت الأصوات- منذ الأيام الأولى- استنكاراً للعديد من النقاط التي أخذت على اللجنة الأولمبية الدولية والفرنسية، لكن الحقيقة أن ما حصل شبه متوقع وإن لم يكن بالسوء نفسه، والسبب عديد الانتهاكات والشكاوى وقضايا الفساد المالي التي رافقت استعداد وتأهيل العاصمة الفرنسية للحدث الرياضي الأضخم.
فمنذ عام تقريباً داهمت قوات الأمن مقر لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في سان دوني، بعد دعوى حركها المدعي العام المالي وتعلقت بشبهات تضارب مصالح واختلاس أموال والاستيلاء غير القانوني على الفوائد، وأضافت المصادر ذاتها أن التحقيق في الأمر يعود إلى تحقيق أولي فتحه القضاء سنة 2017، ثم تحقيق ثان منذ عامين كلل بعملية تفتيش تمت على مرافق هيئة تنظيم الألعاب.
كل هذا أعطى دلائل وإشارات واضحة على أن خللاً سيحدث في البطولة، فرغم الشعارات التي رفعت قبل انطلاق الأولمبياد كشعار “الابتكار والاستدامة” وغيرها الكثير، بدأت الانتقادات تتصاعد منذ حفل الافتتاح الذي لم يكن في المستوى المطلوب شكلاً ومضموناً، واستمرت الفوضى والفضائح حتى اليوم الأخير، حيث اشتكى الرياضيون من الظروف غير الملائمة في القرية الأولمبية وأبدى البعض الآخر امتعاضه من تواضع جودة الطعام وتلوث مياه نهر السين حيث تقام بعض المسابقات المائية، بالإضافة إلى انتشار الأمراض بين الرياضيين.
فانتقدت لاعبة منتخب مصر للكرة الطائرة الشاطئية دعاء الغباشي العديد من الأمور التنظيمية في أولمبياد باريس 2024 على رأسها عدم وجود وسائل لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة داخل الغرف بالقرية الأولمبية، كما أشار لاعب منتخب مصر لكرة اليد علي زين إلى سوء تنظيم الدورة والمعاناة في توفير الطعام والمياه.
وشوهد السباح الإيطالي توماس سيكونو المتوج بذهبية سباق 100 متر ظهر نائماً في شوارع العاصمة الفرنسية، بعد أيام من تتويجه، لشكواه من سوء القرية الأولمبية التي تستضيف الرياضيين، وتحديداً من غرف القرية بسبب عدم وجود مكيف هواء، بالإضافة إلى قلة جودة الأسرة، ويعزو السباح فشله في التأهل إلى نهائي سباق 200 متر ظهر إلى تعبه من ظروف الحياة في القرية الأولمبية.
ليس هذا فحسب فالتعاطي بازدواجية المعايير والعنصرية أظهرا وجهاً قبيحاً أكثر لهذه الدورة من الهجوم على المغنية الفرنسية من أصل مالي آية ناكامورا في حفل الافتتاح حيث تمّ رفع لافتة على ضفاف نهر السين كُتب عليها “مستحيل آية، هذه باريس وليست سوق باماكو!” وانتهاءاً بقصّة السبّاح الصيني زان لي بان صاحب العشرين عاماً والذي استطاع قهر السباحين الأستراليين والأمريكيين بفارق كبير جداً في سباق 100 متر حرة، كما أذهل الجميع في سباق 100*4 متنوع- وهو سباق لم يخسره المنتخب الأمريكي منذ عام 1984 أي في 10 دورات متتالية- عندما كان المنتخب الصيني متأخراً على نظيريه الأمريكي والفرنسي لآخر 100 متر حيث استطاع معادلة الكفة والتصدر ومنح منتخبه الميدالية، والغريب المستهجن أنه في نفس هذه النسخة الأولمبية قام سباح فرنسي اسمه ليون مارشان بحصد 4 ميداليات ذهبية أنواع مختلفة من السباحة لم يجمعها الأسطورة الأمريكية فيليبس، لكن أحداً لم يتّهم بتعاطي المنشطات أو لمّح لشيء من هذا القبيل، للأسف تبقى العنصرية واحدة من القضايا تظهر في أي لحظة من حياتنا دون وجود حلّ قريب لها.
ووسط هذه الانتقادات، استذكر المحللون والمختصّون بالشأن الرياضي، ما حدث في بطولة اليورو 2024 من انتقادات شبكة المواصلات والحالة المرورية، والمخاوف الأمنية نتيجة لعدم قدرة مسؤولي الأمن في الملاعب على تقليل عدد حالات اقتحام المشجعين لأرضية الملعب خلال المباريات، إضافة إلى بعض الانتقادات المتعلقة بتسريب أسقف مدرجات الملاعب لمياه الأمطار الغزيرة.
وكذلك الانتقادات التي طالت بطولة كوبا أمريكا 2024 في الولايات المتحدة وخاصة بشأن أرضيات الملاعب التي تشبه أرضيات ملاعب كرة القدم الأمريكية إلى جانب غياب الأمن في الملاعب ما تسبب في مشاجرات عديدة على المدرجات، أبرزها كان في مباراة نصف النهائي بين منتخبي كولومبيا وأوروغواي، لذا تزداد المخاوف التنظيمية على الأقل بشأن نجاح أمريكا وكندا والمكسيك في استضافة المونديال عام 2026.