ثقافةصحيفة البعث

الكاتبة والروائية نداء حسين: الأفكار في رواياتي جديدة ونابعة من الواقع

هويدا محمد مصطفى

حين تقف على حركة المدلول في النظام اللغوي لكاتب أو شاعر ما، ويمتلك الأبعاد الغائرة في المضامين، لا بدّ من التمعّن والوقوف في تلك التجربة الغنية، وخاصة إذا كانت الكاتبة متمرسة بكل أنواع الأدب، ولديها عدة مجموعات في الشعر والرواية والقصة وأيضاً قصص للأطفال، ونالت عدة جوائز في الرواية والقصة، إنها الكاتبة والروائية نداء حسين، أخذتنا إلى عالمها الأدبي من خلال هذا الحوار:

  • كيف تقدمين نفسك للقارئ؟.

ليس من المحمود أن نصف أنفسنا، أقدّم نفسي من خلال أعمالي الأدبية وكل ما أستطيع أن أعرف به نفسي هو أنني عملت في تدريس اللغة العربية لمدة ثلاث عشرة سنة بعد أن تخرّجت من معهد إعداد المدرسين قسم اللغة العربية، ثم حصلت على إجازة في الأدب الفرنسي وعملت في تدريس اللغة الفرنسية حتى الآن، وكان القرآن الكريم ومازال المنهل الأول والمرجع الدائم والمعلم العظيم، مازلت هاويةً للأدب بفنونه جميعها وتلميذةً منصرفةً بكل ما أمتلك من شغف وجهد إلى الإبحار في علومه اللا متناهية.

  • أين أنت من رواياتك وقصصك.. هل تجسدين الواقع فيها؟.

قد تكون الأفكار في رواياتي وقصصي جديدة، لكنها نابعة من الواقع وترويه بمصداقية وحياديّة، تغوص في أعماق الشخصيات، دوافعها، مشاعرها وأفكارها، ظروفها وحياتها، وبأسلوبٍ أدبيٍّ قريبٍ من فكر القارئ وروحه، بعيداً عن الزخرفة والحشو الذي يصرف القارئ عن روح النص وعن الأحداث المهمّة التي تسردها الرواية. أنا لستُ شخصية من شخصيات قصصي ورواياتي، لكنني أتقمص شخصياتهم وأبرز أدوارهم المؤثرة في حبك الأحداث دون أن أتحيّز إلى أي شخصيةٍ من الشخصيات.. فالقارئ هو الحكم وليس أنا.

  • تكتبين القصيدة.. أين تجدين نفسك؟.

أجد نفسي حيث تحلّق روحي، فالقصيدة روحٌ شفافة يصدّقها العقل ويبوح بمكنوناتها القلب، لكنني أميل إلى الرواية وإلى قصص الأطفال الطويلة.

  • ماذا تحدثينا عن الجوائز وماذا قدمت لك؟.

حصلت وبفضل الله على جائزة حنا مينه للإبداع الروائي عن رواية “أولغا” المرتبة الثانية، جائزة توتول للإبداع الروائي عن رواية شيروبيم، جائزة اتحاد الكتّاب العرب سليمان العيسى لقصص الأطفال عن مجموعتي القصصية “حكايات جدتي”، كما فزت في مسابقة دار العرب للنشر والتوزيع في مصر جائزة الأديبة نجيبة الأرهوني عن مجموعتي القصصية “ليلة سقوط القمر”.

لقد قدّمت لي الجوائز الثقة والرغبة في الاستمرار وتقديم المزيد من الأعمال الأدبية المميزة، كما زادت شعوري بالمسؤولية عن الكلمة والفكرة التي تطرحها رواياتي وقصصي وقصائدي.. فالكلمة أمانة ومسؤولية كبيرة.

  • نداء حسين وعالم الطفولة.. ماذا تحدثينا عن تجربتك في الكتابة للأطفال؟.

كتبت قصص الأطفال في عمرٍ صغيرٍ جداً، لكنها كانت محاولات طفولية لم تلقَ اهتماماً إلا من قبل إخوتي وأبويّ وعلى مستوى ضيق جداً، كنتُ رائدة على مستوى الفرع في مجال الفصاحة والخطابة وعلى مستوى المنطقة في مجال التعبير الأدبي. تشجيع إخوتي حفّزني على القراءة وحفظ القصائد الطويلة لشعراء كبار مثل سليمان العيسى ومحمد مهدي الجواهري والمتنبي وأبو فراس الحمداني وغيرهم، أهداني شقيقي الشهيد الدكتور ياسر رحمه الله مكتبةً كاملةً قائلاً: إنها لك، اقرئي كل ما تريدين، قرأتُ كل ما احتوته المكتبة من قصص وروايات عالمية لتولستوي ودستويفسكي وجبران خليل جبران وفيكتور هيغو وآرنست همنغواي وغيرهم، بالإضافة إلى دواوين ومجلات، درّبني شقيقي أحمد على الخط العربي وعلى حفظ القصائد الطويلة وإعراب كلماتها وشرح أبياتها.

أكتب قصص الأطفال الآن بأسلوبٍ بسيطٍ قريبٍ من الطفل يحاكي عقله وخياله الخصب، ويوجّهه نحو الخير والبناء والقيم الإنسانية والتربوية البنّاءة، ليتعامل مع ما حوله من إنسانٍ أو حيوانٍ أو نباتٍ بحب ورفق واهتمام ورقي.

  • ما رأيك بالحركة الثقافية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي؟.

الحركة الثقافية تخرج الآن من فترةٍ منهكةٍ ثقيلة سبّبتها الحرب والوباء، وتسعى حالياً بقوةٍ وبجدبة إلى نشر الوعي والثقافة الخلّاقة المميزة من خلال مسابقاتها واهتمامها بانتقاء المبدعين الحقيقيين بحياديّةٍ ومهنيةٍ ونزاهة أيضاً، مازالت الخطوات بطيئةً بسبب تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وما يشوبها من فوضى أحياناً، كما أنها، وأقصد مواقع التواصل الاجتماعي، أبعدت القارئ عن الكتاب الورقي بسبب ارتفاع سعره وصعوبة طباعته ونشره في الأسواق والمكتبات، وفي هذا ظلم للكاتب الجيد وترويج للكاتب المبتدئ، لكن ورغم كلّ شيء لا يمكننا أن ننكر أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار الأدب الجيد ولفت النظر إلى المواهب الحقيقية الغائبة بسبب الظروف عن ميادين العمل الثقافي ومراكزه ومنتدياته، فمازال القارئ السوري والعربي يستطيع التمييز بين الجيد والرديء حتى وقتنا الحالي على الأقل.

  • كامرأة ماذا أضفت للأدب من خلال أعمالك؟.

القارئ هو الحكم، ولا يمكنني أن أحكم على ما أنتجته من أعمالٍ أدبيةٍ، لكنني أستطيع أن أحكم على الجهد والعمل الحثيث الذي واظبت عليه بإصرارٍ وصبر لكي أحقق هدفي وطموحي. ولعلّ أجمل ما لمسته من تحقق هذا الهدف هو خلق فكرة العمل والإصرار على النجاح في قلوب وعقول الشابات والنساء اللواتي عانين من أهوال الحرب، ففقدن أعز الناس على قلوبهن، بالإضافة إلى التشجيع على القراءة ولفت النظر إلى أهميتها وأهمية الأدب في الحياة (النجاح عنواننا ولا مجال للفشل مهما كانت الظروف).

  • ما هي مشاريعك المستقبلية؟.

مازلتُ أعمل، أكتب، أسعى.. وكما يقال: المستقبل في علم الغيب لا يعلمه إلا الله.. عليه توكلنا وبه نستعين.