اقتصادصحيفة البعث

وئام مشوه!

حسن النابلسي

على وقع حب المال وما يتملكنا من هواجس لاقتناء أكبر قدر ممكن منه، غالباً ما ننخرط بالعمل إلى حد التماهي، فمنا من يصيب هدفه عبر إدراكه لحيثيات المخاطرة حيناً، واعتماده على ذكائه ومهارته حيناً آخر، ويصل إلى مراده شرعاً وقانوناً، وكثيرون – للأسف – يحكمهم الجشع ليصلوا إلى مرحلة يتورطون فيها في منظومة يتداخل فيها الفساد بين القطاعين العام والخاص..!

ويفضي هذا المشهد بالنتيجة إلى حالة من الوئام المشبوه، بدليل أنه كثيراً ما نلاحظ تمدد بعض “رجال أعمالنا” في أروقة بعض مؤسساتنا لدرجة “ارتقاء” العلاقة المفترضة بين الطرفين لتسيير الأمور والإجراءات الإدارية المطلوبة ضمن سياق معادلة أن “العام” هو الضابط لإيقاع “الخاص”، وما ظهور العديد من حديثي النعمة إلا نتيجة طبيعية لهذا الوئام..!

فقد بات مألوفاً ما تزخر به مطاعم ومنتجعات النجوم الخمس وما فوق، من ولائم مسائية عامرة، مضيفها رواد “الخاص” وضيفها مفاصل من نظيره “العام”، دون أي داع، كون الاتفاقيات البيضاء تعقد على الملأ في وضح النهار، وخلال أوقات العمل الرسمية..!

يضاف إلى ذلك الكثير من القصص التي يتغنى بها عدد من أتباع القطاع الخاص، ملخصها “الدراهم مراهم” و”المال يفتح كل الأبواب المغلقة” وغيرها من العناوين الملخصة لهذا المشهد..!

إن مثل هذه السلوكيات تنذر بانزلاقات من العيار الثقيل لجهة البنية المؤسساتية للعمل الحكومي بالدرجة الأولى، وما قد يتبعه من تراجع لمعدلات النمو أكثر مما هي متراجعة الآن، وتظهير الاقتصاد الخدمي الريعي واتساع دائرته أكثر وأكثر، مقابل انحسار نظيره الإنتاجي الحقيقي وربما شبه انعدامه، كون أن القطاع الخاص يبحث عن الربح السريع الذي يتأتى غالباً من الأول..!.

إذاً.. نحن على محك الخلاص من حالة الوئام المشوه هذه، من خلال تشكيل خلية رقابية ذات طبيعة خاصة قوامها مفتشون على قدر عال من النزاهة والكفاءة والمسؤولية، مهمتها التدقيق بالاتفاقيات وآليات العمل المعمول بها في هذا المجال، وتحديداً مستوى التداخل بينهما ومدى تأثير كل منهما على الآخر..!

hasanla@yahoo.com