تحقيقاتصحيفة البعث

موسم “نبر” الزيتون على الأبواب.. معاناة المزارعين وأصحاب المعاصر مستمرة و”الزراعة” توضح!

ليندا تلي

بات موسم جني الزيتون عرساّ جماعياً يتوارثه الفلاحون كلّ عام، حيث تجتمع الأسر مسطّرة كل أشكال التلاحم والتكاتف لجني المحصول الذي جادت به أشجار الزيتون المباركة، وجمعه في سلال من القصب أو أوانٍ بلاستيكية أو أكياس نايلون بعد تنظيف الأرض من الأشواك والأعشاب الضارّة وفرش الأغطية تحت الأشجار ومن ثمّ الذهاب بها إلى المعاصر لاستخراج الزيت، فما هي المعوقات التي تعترضهم، وما دور الجهات الرقابية في ضبط أسعار المعاصر وما هي تقديرات إنتاج الزيت والزيتون لهذا العام؟

اعتقاد متداول

تؤكد مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر صحّة الاعتقاد السائد لدى مزارعي الزيتون بالانتظار حتى سقوط الأمطار ثمّ قطفه مباشرة، حيث تكون تشرّبت الثمرة الماء وبالتالي يحصل تخلل في النسج بشكل يتمّ استخراج الزيت بشكل سريع وسهل ولكن دون أي زيادة تُذكر على نسبة الزيت، فحين تصبح نسبة تلوّن الثمرة 75% أي لونها مائل للبنفسجي تُصبح نسبة الزيت ثابتة، منوهة إلى أنّ هذا الأمر يختلف من صنف لآخر فهناك أصناف تكتمل نسبة الزيت فيها رغم بقائها خضراء.

 تطوير قطاع الزيتون

وبهدف تطوير زراعة الزيتون والاهتمام بها بينت “جوهر” أن وزارة الزراعة وضعت استراتيجيات للنهوض، وذلك من خلال برنامج الإدارة المتكاملة لإنتاج وتصنيع وتسويق الزيتون، يتضمن عدّة مخرجات تنفّذ من خلال عدد كبير من الأنشطة بدءاً من إنتاج الغراس المناسبة والموثوقة من جميع الأصناف الجيّدة، وتطبيق خارطة بيئية لتوزّع أصناف الزيتون في سورية مروراً بالإنتاج والتصنيع ووصولاً إلى التسويق سواءً في الأسواق المحلية أو العالمية، مشيرة إلى أن المساحة  التي تشغلها أشجار الزيتون في سورية تقدّر بـحوالي 674 ألف هكتار وهي تشكل 12 بالمائة من المساحة المزروعة، مزروع فيها  101 مليون شجرة، والمثمر منها حوالي 90 مليون شجرة، يتبع لها 70 اسم ما بين أصناف زيت وزيتون مائدة ومنها ثنائية الغرض.

الرابعة محلياً

يحتلّ الزيت مكانة مهمّة في محافظة طرطوس التي تحتل المرتبة الرابعة على مستوى القطر بزراعة الزيتون، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون وفق ما بيّن رئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة في طرطوس المهندس محمد غانم عبد اللطيف في حديثه لـ”البعث”،  حوالي 75000 هكتار وإجمالي عدد الأشجار حوالي 11 مليون شجرة والمثمر منها حوالي 10 ملايين شجرة، وقدّر إنتاج هذا العام بحوالي 32000 طن ثمار وهذا الإنتاج أولي قد يخضع للنقصان نتيجة الأحوال الجوية، مشيراً إلى  وجود 236 معصرة منتشرة في أنحاء المحافظة.

سوق سوداء

في القنيطرة باح خالد الموسى صاحب معصرة معاناة أصحاب معاصر الزيتون في المحافظة من ناحية عدم التزام الأخيرة في تأمين كمية المحروقات المخصّصة من قبل وزارة الزراعة مع العلم أنّ هناك كشف مع بداية كل عام يحدّد كمية المحروقات المخصّصة لعمل المعصرة، مختصراً القول: لا يتم تزويدنا إلا بـ 20% من الكمية المخصصة بالكشف، وهذا برأيه غير كافٍ مما يضطر أصحاب المعاصر بالبحث عن تأمين المازوت من  السوق السوداء وبضعف الثمن، ضارباً مثال: العام الماضي خصّص للمعصرة 36 ألف لتر مازوت لم يتمّ تزويدنا سوى بـ12 ألف فقط، إضافة إلى واقع الكهرباء السيئ!.

التزام بالتسعيرة

ورداً على من يتهم أصحاب المعاصر بعدم تقيّدهم بأجور العصر التي تحددها وزارة الزراعة، قال الموسى: إن الالتزام بالتسعيرة موجود وتمّ تخفيضها حيث كانت العام الماضي تسعيرة مديرية التموين 600 ل.س لكل كغ زيتون، ولكن تمّ تخفيض السعر إلى 550 ليرة من قبلي كصاحب معصرة وقمت بإخبار عضو المكتب التنفيذي المسؤول عن قطاع الزراعة، وذلك دعماً للأخوة الفلاحين، وأشار في معرض حديثه إلى وجود معصرة زيتون واحدة فقط في المحافظة، وهذا العام تمّ الترخيص لمعصرتين وسوف تبدأن بالعمل هذا الموسم بخطوط إنتاج حديثة.

 معوقات

وبالنسبة لمياه الجفت، فإن المعاناة كبيرة ومكلفة جداً حيث يتمّ ضخ المياه عبر جرّارات وتوزيعها ضمن المناطق الحراجية بين الأشجار، وفق ما أوضح الموسى، مشيراً إلى وجود كتاب من مديرية الزراعة يوضّح أهمية توزيع هذه المياه بين الأشجار لأنّها تغني التربة بالأسمدة العضوية، لكن هنالك بعض المعوقات تتمثل بصعوبة الدخول لبعض المناطق الحراجية، وعدم وجود ثقافة ووعي لدى المزارعين من أجل الاستفادة من هذه المياه.

 مراعية للتكاليف

وبالعودة إلى مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة “جوهر” وبخصوص دور الوزارة في ضبط أجور المعاصر، بينت أنّ هناك بعض المعاصر لا تتقاضى أجوراً ولكن تسهّل عمليات وصول الزيتون من المزارعين إليها، في حين هناك معاصر لا تلتزم بالتسعيرة بهدف المنافسة واستقطاب أكبر عدد من المزارعين، مشيرة إلى أن رقابة الوزارة على المعاصر تكون من قبل اللجان الفرعية المشكّلة بالمحافظات برئاسة شعبة الزيتون في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي لكلّ محافظة، حيث يراقبون ارتفاع التسعيرة، بينما لا يُعتبر تخفيض أجور العصر مُخالفة كونها لصالح المزارع طالما أنّها لن تكون على حساب كمية ونوعية الزيت الناتج.

التخلّص الآمن لمياه المعاصر

حدّد القرار 190/ت آلية التخلّص الآمن من مياه المعاصر وفق وصف جوهر، من خلال استخدامها في ري الأراضي الزراعية بنسب محدّدة  ومدروسة من قبل البحوث العلمية الزراعية بالنسبة للأشجار المثمرة والمحاصيل، ولكن لا تطبّق هذه الآلية بشكل صحيح بسبب عدم قدرة المزارعين على سحب مياه المعاصر واستجرارها إلى حقولهم جراء تكاليف المحروقات اللازمة، في حين تكون نتائجها إيجابية في الأراضي القريبة من المعاصر، ويتمّ التخلّص منها أيضاً في الحراج التي تكون مغلقة في موسم إنتاج الزيتون وفق قرار الحراج الجديد.

وتراقب مياه المعاصر من قبل اللجان الفرعية في المحافظات التي تشكّل سنوياً بالمكتب التنفيذي حيث تقوم بجولات على المعاصر وتأخذ عيّنات من البيرين وتفل الزيتون وتدرس القدرة التخزينية للحفر الفنية المنشأة في المعاصر التي تمنع تسرّب مياهها، وتراقب كفاءتها وتطبيقها للشروط الفنية لتنفيذ هذه الجور وآلية التخلص من مياه المعاصر التي تعاني من عدم قدرتها على تصريفها بشكل آمن في سنة الإنتاج الغزير، ما يستدعي تضافر الجهود من البلديات والوحدات الإرشادية.

توجيهات وندوات

واقترحت جوهر ضرورة الاستفادة من المنتجات الثانوية كونها تؤدي دوراً جيداً في تحسين الإنتاج وزيادته من خلال استخداماته في تصنيع  الكومبوست والسماد العضوي وفي الرّي، لافتة إلى ما وجّه به مكتب الزيتون عن طريق الإرشاد الزراعي من خلال الندوات في المحافظات بأهمية الاستفادة من هذه المنتجات الثانوية في تحسين إنتاجية أراضي الزيتون، مشيرة إلى وجود لجنة على مستوى رئاسة الحكومة تشكّلت لدراسة آلية التخلّص الآمن ورفعت مقترحات إلى رئاسة الحكومة بحيث تأخذ كل جهة دورها وفق آليات تضمن سلامة البيئة واستدامة الموارد المائية وخاصّة في الأماكن المزدحمة بالمعاصر مثل محافظة طرطوس التي تنتج مواد ثانوية وبشكل خاص “ماء الجفت”، الذي حالت طبيعة الأرض فيها دون قدرة المزارعين على استجرارها إلى أراضيهم، وخاصّة أنّ موسم العصر والقطاف يتزامنان وبالتالي يكون هناك صعوبة في تأدية هذه الخدمة أثناء القطاف، وتمّ اقتراح آلية لتجميع هذه المياه عن طريق البلديات أو الوحدات الإدارية لطرحها في الاستثمار” الحيوي أو استثمار الأسمدة لإنتاج “الطاقة” باعتبار كميّتها جيدة خلال الموسم.

بزيادة 6% عن الموسم الفائت

يقدّر إنتاج الزيتون بحوالي  740الف طن زيتون مخصّص منها 20 بالمائة زيتون أخضر “مائدة” وأكثر من 80 بالمائة مخصصة للعصر، وبالتالي بزيادة قدرت بـ  /6%/ عن الموسم الفائت، وتشير التقديرات الأولية لإنتاج الزيتون في المناطق الآمنة إلى زيادة في الإنتاج تقدّر بحوالي 11% عن الموسم الفائت، حيث قدّر إنتاج الزيتون فيها بحوالي 429865,5 طن أي حوالي 58% من إجمالي الإنتاج، والذي يتوقّع أن ينتج عنه كمية من الزيت تقدّر بحوالي 55004 طن أي بزيادة 6000 طن عن الموسم الفائت.

توعية الفلاحين

في الضفة الأخرى يقوم الاتحاد العام للفلاحين وفق ما ذكر محمد الخليف عضو المكتب التنفيذي للاتحاد رئيس مكتب الشؤون الزراعية، بإقامة الندوات والزيارات الحقلية من قبل الروابط والجمعيات بشكل خاص خلال فترة جني محصول الزيتون لتقديم التوعية في معرفة الموعد المناسب للقطاف وطرق القطاف الصحيحة بحيث لا يتمّ إحداث أضرار للثمرات الحديثة والبراعم التي ستحمل الثمار في العام القادم، وتقليل الهدر من الثمار خلال عملية الجني، وطرق تعبئة وتوضيب الزيتون السليمة في عبوات خاصة عند التسويق والتعبئة السليمة للوصول إلى المعاصر وعدم  الإطالة في الفترة بين القطاف والعصر للحصول على جودة عالية  من الزيت ومنع تعفّن الثمار وتقليل نسبة الأوراق الخضراء للحصول على نسبة الأسيد الجيد وغير الضار، وتوعية الفلاحين بضرورة مكافحة حشرة ذبابة ثمار الزيتون وخصوصاً الطور الثالث والأخير “يوجد ثلاث أطوار لهذه الحشرة” كونها تؤثر سلباً على جودة الزيت الناتج أو زيتون المائدة.