هاريس تهدّد ترامب
ريا خوري
حسم الحزب الديمقراطي أمره ورشّح نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس ونائبها المفترض السياسي الأمريكي المحنك تيم والز، لتصبح الكرة الآن في مضمار السباق مع المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الذي اهتزت حملته الانتخابية وتراجع بريقه مع انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من الانتخابات الرئاسية.
اليوم الثاني للمؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، كان على موعد مهمّ وحاسم ألهب حماسة الحاضرين بخطاب شامل واسع الأمل ألقاه الرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشال، وكانت لتجربة الرئيس السابق ذي البشرة السمراء أوباما وخطابته وإلمامه بالشؤون الأمريكية الداخلية تأثير بالغ على الجمهور، وقدّم من خلالها دفعة سياسية وجرعة قوة، ودفعة انتخابية بالغة الأثر لمرشحة الحزب الديمقراطي هاريس، التي يراهن الديمقراطيون على فوزها في اقتراع تشرين الثاني القادم، لتكون أول امرأة تصعد إلى سدة البيت الأبيض في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الحلم الذي فشل الديمقراطيون في تحقيقه عام 2016 عندما هزم الجمهوري ترامب منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.
الديمقراطيون هذه المرة يريدون الثأر لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي رشّحت نفسها لانتخابات الرئاسة الأمريكية، بفوز هاريس أمام ترامب نفسه الذي يحاول اليوم بشتى الطرق والأساليب الاستخفاف بخصومه، والانتقاص منهم ومن قدراتهم على تحمّل المسؤولية، ويستهين بالحملة الديمقراطية التي صنعت زخماً تاريخياً قوياً لم يكن متوقعاً قبل أسابيع عندما كان بايدن على رأس الحملة.
أما الآن فقد استعادوا الأمل من جديد، وباتت المرشحة الديمقراطية هاريس تتقدّم في استطلاعات الرأي، ولاسيما في الولايات المتأرجحة، على الرغم من أنّ الوقت مازال مبكراً نسبياً للوثوق بكل ما يصدر عن مراكز سبر الآراء، لكن المعلومات والمعطيات الأولية يمكن أن ترسم بعض الملامح المهمّة لمصير الانتخابات الساخنة، وهذا في حدّ ذاته مفاجأة كبيرة مدوية وانقلاب على المسلمات الأولية في الولايات المتحدة الأمريكية.
مشاهير الحزب الديمقراطي الذين اجتمعوا في شيكاغو، وأشادوا بتضحية الرئيس بايدن وتخليه عن السباق وأكسبوا حملة هاريس زخماً كبيراً، خطفوا الأضواء من الحملة الجمهورية، التي باتت في مفترق طريق حاسم، قد يدفعها إلى مزيد من الشراسة والتطرف في الخطاب، وهو ما بدا واضحاً وصريحاً في تجمعات ترامب الأخيرة، وتخوفه من وحدة الديمقراطيين، وانتقادهم اللاذع بسبب ما يسميه انقلابهم على الرئيس جو بايدن.
يجمع معظم المحللين السياسيين على أنّ الاقتراع الرئاسي الأمريكي القادم سيكون حاسماً وتحفّ به مخاطر شديدة وانزلاقات عدّة غير متوقعة، وإذا تحقق الفوز للمرشحة هاريس فإنه سيفتح باباً واسعاً على مصراعيه للديمقراطيين لإدارة البيت الأبيض أربع سنوات أخرى، كما سيشكل نصراً سياسياً كبيراً لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين المتخوفين من أي تغيير في الولايات المتحدة، وهذا الفوز، إذا ما حدث فعلاً، سيقضي على الفرصة الأخيرة للمرشح ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، ولن يكون بوسعه الترشح مرة أخرى بعد أربع سنوات من الآن وهو في الثانية والثمانين من العمر، وهذا كله سيدخل الحزب، الذي التفّ حول هذا الملياردير مكرهاً بسبب افتقاده للزعماء أصحاب الكاريزما السياسية، في انقسامات وأزمات متلاحقة غير مسبوقة.
لقد استشعر معظم الأمريكيين الخطر إذا ما فشل ترامب وحصلت هزيمته أمام هاريس، فهو لن يسلّم بالنتيجة وسيلجأ إلى التحريض وإحداث الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، خاصة وأن عملية اقتحام الكابيتول ما زالت ماثلة للعيان. وربما ما هو أسوأ من ذلك، وهذا التخوف يؤكده كثيرون أيضاً في ظلّ ما تعرفه الحملة الانتخابية من منافسة شرسة وصلت إلى درجة الإسفاف في الخطاب والسخرية والانتقاص من الآخرين والتجريح والتلويح بالعنف، وإحداث القلاقل وعدم الاستقرار في البلاد.