أين العدالة الضريبية؟!
قسيم دحدل
حين طالبنا بإعفاء رواتب العاملين في الدولة من ضريبة الدخل، لم ننطلق من رأي عبثيّ، بل استندنا إلى علم الاقتصاد الذي يؤكد أن الضرائب على الأموال الاستثمارية، أي التي يتمّ تشغيلها وتحقّق الأرباح، وليس على القيمة الأساسية للمعيشة.
واليوم نجدّد المطالبة بإسقاط ضريبة الدخل على الرواتب، لأن ما يتقاضاه العاملون أو الموظفون هو لقاء خدمات يقدّمونها أو إنجاز أعمال مكلفين بها، بمعنى أن تلك الرواتب هي لتأمين متطلبات الحياة الأساسية للإنسان من معيشية، وغيرها، لا لأجل تشغيلها وادخارها، علماً أن هذا غير ممكن.
وفي حال الرواتب والأجور التي لم تعد تكفي لتلبية الحدّ الأدنى من تلك المتطلبات ولأيام معدودة، نجد لزاماً على مجلس الشعب الجديد والحكومة العتيدة أن يكون هذا الملفّ ضمن أولوياتها التي يجب عليها معالجتها، بعد أن أصبح الراتب، أي الدخل، لا يتناسب مطلقاً مع النفقات.
ولأن علم الضرائب المالية يعتمد على الإيرادات (الدخل) استناداً لمبدأ كفاية تكاليف المعيشة كنقطة انطلاق لتحديد الشرائح الضريبية على صافي الدخل الإيرادي، وجب على وزارة المالية والحكومة العمل لجعل كامل الراتب الذي يتقاضاه الموظف، معفى بشكل كامل من الضريبة على الدخل، وعدم الاكتفاء بتحديد الحدّ الأدنى للرواتب (وهو نحو 279 ألف ليرة)، لأن ذلك يتناقض تماماً مع مبدأ كفاية التكاليف المعيشية للمواطن، والذي على أساسه وانطلاقاً منه تتحدّد الشرائح الضريبية. ولأن أي اقتطاع ضريبي ضمن الحدّ الأدنى لتكاليف المعيشة سيؤدي إلى شحّ أموال كانت ستخلق حالة حركة للأسواق والاقتصاد، ما يؤدي إلى كساد وتباطؤ حاد للنمو، لذا يترك التشريع الضريبي (المستقر على هذا المبدأ) تكاليف المعيشة بعيدة عن الاقتطاع الضريبي خشية الاستعصاء الاقتصادي المحلي، فكثرة الأموال الدورانية ضمن الاقتصاد المحلي تشكل رافعة لبقاء الاقتصاد بعيداً عن التمويل التضخمي.
qassim1965@gmail.cim