قراءة في روايات عبد الغني ملوك
البعث- عبد الحكيم مرزوق
استضاف المركز الثقافي العربي بحمص، يوم أمس، ندوة بعنوان “قراءة في روايات الروائي عبد الغني ملوك”، في قاعة الدكتور سامي الدروبي، وقدّم خلالها ملوك إضاءة على رواياته والمنهجية التي يتبعها في الكتابة، وبيّن أن الرواية لا تغيّر الواقع، لكنها الطريق إلى تغيير الواقع، وأضاف: “للرواية رسالة ودور في تطوير المجتمع، وفي عملية التغيير الثوري التقدمي المصاحبة لحركة التاريخ، لذلك اعتمد في أسلوب السرد السهل البسيط أو السهل الممتنع، حتى تصل الرواية إلى كلّ قطاعات وشرائح المجتمع السوري والعربي، وقد ترجمت اثنتان من رواياته واحدة إلى اللغة الإنكليزية والثانية إلى اللغة الفرنسية.
ويشير ملوك إلى أنه وضع منهجاً سمّاه المشروع الثقافي التنويري في البحث والتغيير، وتجلّى ذلك في التعاطي بشكل علماني مع وقائع الأحداث، وسير الحياة في المجتمع، وأوضح أنه دعا إلى “إعادة قراءة التاريخ العربي الإسلامي الذي لحقه بعض التزييف من قبل المستشرقين أو غيرهم”، حسب زعمه، وقال: “لنستخدم العقل دون النقل، ولنضع القداسة جانباً حين إعادة قراءة التاريخ”، كما دعا ملوك إلى سيادة القانون والاعتماد على الكفاءة قبل الولاء، لأن الولاء للوطن مفترض في كل مواطن، وأضاف أنه اعتمد في الكتابة على استخدام علم النفس كما اعتمد الأديب الروسي “دوستوفيسكي” والإنكليزي “كولن ولسون” على علم النفس التطبيقي، وعلى التجربة الواقعية الهادفة من دون استخدام اللغة المقعرة، أو اللعب على الألفاظ.
واعترف ملوك أنه اقتحم التابوهات الثلاثة بحيث لم يسئ إلى دين أو مشاعر إنسان يقدّس اعتقاده، وأنه تحدث عن السياسة بجرأة، داعياً إلى مكافحة الفساد، وأضاف أن البعض يتهرّب من الحب والحياة، والكون كلّه قائم على الحب، وأنّه لم يكتب ما يخدش الحياء أو ابتذل في الوصف.
وقدّم الدكتور وليد العرفي مداخلة، قال فيها: “أصدر ملوك اثنتي عشرة رواية وقد عمد في ثلاثيته “مجامر الروث” و”في قبو الدير” و”الحب في زمن التحولات” أن يسير على خطى نجيب محفوظ في ثلاثيته “بين القصرين” و”قصر الشوق” و”السكرية”، ووجد تقاطعات كبيرة بين ملوك ومحفوظ، ثم انتقل إلى مرحلة أخرى من تجربة ملوك، وهي مرحلة طرح القضايا الفكرية، ورسم شخصيات رواياته بطريقة مختلفة تماماً عمّا رسمها في الثلاثية، وبيّن أنه لا يعدّ “مرايا النهر” رواية لأنها مجموعة قصص حاول المؤلف أن يسلّط الضوء على قضايا اجتماعية، وناقش فيها مستويات معرفية كثيرة عبر شخصيات قصصه الذين انتقاهم من الواقع وعايشهم وعاش معهم أو سمع عنهم، وفي مرحلة أخرى يعمد المؤلف إلى أسلوب السيرة الذاتية، ويبدو هذا الملمح في رواية “سيرة آل الحكم دار”، إذ يسرد سيرة شخص، ومن خلاله تتشعّب الأحداث التي يحاول توظيفها لخدمة أفكار الرواية وأهدافها في الكشف عن ممارسات يزول عنها الغطاء عنها في نهاية الرواية.
وأشار العرفي إلى التقنيات السردية التي اعتمدها المؤلف، ورأى أنه لجأ إلى استخدام الزمن بطريقتين، الأولى هي حذف الزمن، والثانية: التذكر والحوار عبر المونولوج الداخلي، أو الاستشراف الزمني، والحوار، والسؤال والجواب، وأوضح أن لغة الكاتب لم تكن متقعرة، ولم ترتقِ إلى مستوى الشاعرية، بل كانت لغة وسطاً كما أرادها المؤلف لتكون أقرب إلى عقل وقلب القارئ، وقال العرفي إنّ المجموعات كلها طبعت في الفترة بين عامي 2018- 2022.