تركيا.. استعادة العلاقة بإزالة الأسباب!!
علي اليوسف
تتالت التصريحات التركية من جهات وازنة، وطرحت عناوين للتقارب مع سورية، بعد مقاربة السيد الرئيس بشار الأسد للعلاقة مع تركيا في كلمته أمام مجلس الشعب. لكنّ العناوين التي طرحتها تركيا جاءت أغلبها بعيدة عن المقاربة السورية، فالعناوين التي نشرتها بعض وسائل الإعلام التركية ليست طريقاً دبلوماسياً بقدر ما هي محاولة للإبقاء على الوضع الراهن، وبعضها غير ذلك، لكنها بطبيعة الحال تؤكد أن تركيا أردوغان تريد وضع شروط مسبقة لأيّ خطوات مستقبلية، إن حصلت، وكأن تركيا لم يكن لديها خيار سوى العداء لسورية واحتضان العناصر الإرهابية وتسليحهم وتدريبهم ضد الشرعية السورية!
وبغضّ النظر عن العناوين المطروحة، والتي لا تلبي المتطلبات السورية الثابتة، فإن قراءة أولية في العناوين التركية تعطي الانطباع بأن هناك مناورة في الوقت الضائع؛ ومن الواضح، بهذه الصيغ، أن التفاهم قد يكون بعيداً، وأن العروض التركية لا تلتزم الحقوق السورية بقدر ما تلبي احتياجات الحكومة التركية القائمة، أي أن الطريق ما زال وعراً ما دامت نوايا هذه الحكومة غير موضوعية. فالنوايا الحقيقية هي – كما دعا إليها الرئيس بشار الأسد، تتمثل بوضع “خارطة طريق”، لأن سبب فشل المحادثات السابقة يعود إلى “عدم وجود مرجعية للتفاوض”. وهذه المرجعية ستنظم المحادثات وتمنع المناورة أو المزاجية، بل وتشكّل أداة يستند إليها أصحاب المبادرات تساعدهم على النجاح في مساعيهم، لكن دون التنازل عن السيادة وحدود السيادة ومعيار السيادة. وأياً تكن الخطوات المحتملة، فإن مبدأ السيادة لا يقبل الجدال والنقاش، وهذا ما يتنافى مع طروحات الحكومة التركية التي تراوح بين استمرار تبني المجموعات الإرهابية التي تعمل بأمرتها في سورية، والاستمرار بتقديم الدعم والرعاية والمساعدات لها، ما يعني أن تركيا تريد الحفاظ على “كعب أخيل” والإبقاء على هذه الخاصرة الرخوة التي ستكون بالعلم العسكري والسياسي أداة للتلويح بها كلما خطر على بال “الراعي” التركي استثمارها، وهذا ما لن يرضاه الشعب السوري.
صحيح أن الوضع الدولي المتأزم يدفع لإصلاح ما يمكن إصلاحه في العلاقات بعيداً عن آلام الجروح من طعنة غادرة، لكن هذا لا يعني إطلاقاً أن أي استعادة للعلاقة يمكن أن تخرج إلى النور دون إزالة الأسباب التي أدّت إلى واقع العداء المستحكم، وعدم التنازل عن أي حقّ من الحقوق، وسورية تؤكد باستمرار ضرورة انسحاب تركيا من الأراضي التي تحتلها ووقف دعمها للإرهاب، وهذا من مبادئ وثوابت الدولة السورية، خاصةً وأنها لا تتعارض مع مصالح أي من دول الجوار في حال كانت النيات صادقة، فالسيادة والقانون الدولي يتوافقان مع الطروحات السورية الجادة في حلّ المشكلة تحت عناوين المصارحة لا المجاملة ولا التفريط، وتحديد موقع الخطأ والتراجع عنه دون مكابرة.