نفس جديد في الصّياغة والسّرديات بظهرية أدبية
البعث- عبد الحكيم مرزوق
أقام فرع اتحاد الكتّاب العرب بحمص، يوم أمس، ظهرية أدبية، شارك فيها عدد من كتّاب القصة والشعر، منهم أعضاء مستجدون في اتحاد الكتّاب إلى جانب بعض الأعضاء القدامى، وكان لحضورهم نكهة تحمل نفساً جديداً في الصياغة الأدبية. وافتتحت الظهرية الروائية بوران عربش بسرديات وصفها بعض الأدباء بأنها نصوص سردية عابرة للأجناس الأدبية، وتنوس بين القصة القصيرة والخاطرة، ففي سرديتها “خارج السرب” تؤرّخ للحظات مرت بها أثناء الحرب الكونية، فترى شريط ذاكرتها يتجزأ، وشريط حياتها يرسم الأحداث العابرة في “القصير” حين انقلبت الموازين واختطف والدها، وضاع صديقها، وليال ثقيلة وقوافل من الشهداء تمرّ في سبيل سلامة الوطن وكرامته، وفي سردية “الاشتياق” تدخل مناخاً آخر في رسم حالة عاطفية إنسانية بين رجل وامرأة والمساقة التي تفصل بينهما، وحالة اللقاء التي تدخل فيها عبارات الهندسة الحياتية في تحديد التوازي الذي يجسّد الحالة الداخلية لكل منهما، فيلتقيان في لحظة كادا يتعانقان فيها، فيبتعدان بعد ذلك حيث تتجسّد “أم كلثوم” هازئة بها وهي تغني “كنت بشتقلك وأنا وأنت هنا.. بيني وبينك خطوتين”.
ثم قدّم الدكتور جرجس حوراني قصة قصيرة بعنوان “مراهقتي الجميلة”، وفيها يروي تفاصيل جعلته يشكّ بزوجته الجميلة التي تغيّرت تصرفاتها في الأيام الأخيرة، فيراقبها بعد خروجها من المنزل من دون إخباره بوجهتها، ظناً منه أنها ذاهبة لملاقاة عشيقها حيث تعبر الشوارع لتصل إلى بناء تصعد طوابقه وتصل إلى عيادة صديقه الطبيب الذي كان زميلهما أيام الدراسة، فيقول في نفسه إن ثمة علاقة بين زوجته وصديقه الطبيب وتتوسع دائرة الوساوس في رأسه وهو ينتظر زوجته خارج العيادة، إلى أن تخرج بعد خمس عشرة دقيقة من دون أن تراه، فيدخل العيادة حيث يستقبله الطبيب بقوله إنه كان يودّ محادثته في أمر مهمّ، فيظن أن الطبيب سيبوح بحبه لزوجته، فيقول الطبيب إن الزوجة مصابة بمرض ميئوس منه وهي التي طلبت منه “أي الطبيب” إخفاء الأمر عنه، لكنه حاول إقناعها بأنه حان الآوان لأن يعلم الزوج بمرضها، وهكذا ينهي قصته بنهاية مفتوحة، تاركاً للقارئ أو المستمع أن يكمل القصة بطريقته.
“امرأة من ضياء” عنوان القصة التي قدّمتها القاصة والروائية نداء حسين، وبدأتها بجمل قصيرة مكثفة حكت عن قصة حب جمعت بين قلبين في قرية صغيرة احتضنت رعشات ونبض القلبين الصغيرين، وتشاء الظروف أن يبيع أهل الفتاة بيتهما في القرية ويسكنوا في المدينة، وحين يكبران يلتقيان في الحديقة حيث يعرض عليها الزواج فترفضه بقولها: “أنت شاب وسيم وتستحق أجمل فتيات القرية، لكنني أكره الفقر”، وتحبك “نداء” قصتها متابعة مع مرور الحرب الكونية على سورية تضيع الثروات فيها وتنقلب الموازين وتنزح مع أهلها من المدينة إلى القرية، فيصبح الشاب من أصحاب الأملاك وتلتقي به في مقهى يملكه فتقول له: “هل مايزال عرضك بالزواج قائماً؟”، فيردّ: “أنت جميلة ويتمناك أفضل الشباب، لكنني أكره الفقر”.
ويختتم الشاعر كنان محمد بقصائد عدّة، منها قصيدة معارضة للشاعر نزار قباني الذي يقول:
إني عشقتك واتخذت قراري فلمن يا ترى أقدم أعذاري
ويقول محمد:
ما كنت أعشق لو امتلكت قراري من ذا يسير بقلبه للنار
لكن إذا حكم الهوى خضعت له مهج الورى رسماً بغير قرار
لاحت لعيني كالضحى فعشقتها إن القلوب ضحية الأبطال
وأردت صون القلب من لهب الهوى فوجدته من محتم الأقدار
قسم تصلب آسراً لي مهجتي وإرادتي وعزيمتي وقراري