الولايات المتحدة تزرع الفتنة بين الدول الأوروبية والصين
عائدة أسعد
على الرغم من موقف الصين المحايد، والجهود الهائلة التي بذلتها للمساعدة في إعداد طاولة المحادثات بين موسكو وكييف، فإن الولايات المتحدة تتمسك بموقفها القائل بأن الصين هي ممكّن لما تسميه بالعدوان الروسي، وبالتالي فهي تشكل تهديداً كبيراً للعالم المتحضر.
ومن خلال توريط الصين في أزمة أوكرانيا، تأمل واشنطن في زرع الفتنة بين الدول الأوروبية، الضحايا الرئيسيين للأزمة، والصين مما يمهد الطريق لها إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وخلق ذريعة لمعاقبة الكيانات الصينية مستشهدةً بتعاملاتها مع روسيا.
في واقع الأمر، تحافظ الولايات المتحدة على علاقاتها التجارية والاقتصادية مع روسيا بشكل مباشر ومن خلال أطراف ثالثة مثل الهند. وعلاوة على ذلك، تحاول واشنطن مساواة العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا بما تحذر منه من غزو وشيك من جانب البر الرئيسي الصيني لجزيرة تايوان، على الرغم من الطبيعة المختلفة جوهريا للقضيتين، وبالتالي إعطاء حلفائها المحليين بما في ذلك أولئك في طوكيو ومانيلا وتايبيه، الأعذار للانضمام إليها لإنشاء جبهة موحدة أقوى ضد بكين.
كما تحاول الولايات المتحدة استخدام وسائل مختلفة للتأثير على الرأي العام، وتضليل العالم بأن بكين تقدم لموسكو مساعدات عسكرية خفية، وتساعدها في تعزيز قدرتها على إنتاج الأسلحة. لذا، من الطبيعي أن تستغل أي اتصالات مباشرة بين بكين وموسكو، سواء كانت في مناسبات ثنائية أو متعددة الأطراف، كفرصة لرش المزيد من المياه القذرة على الصين.
لقد كان هذا صحيحاً مع زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى روسيا يومي الأربعاء والخميس الماضيين – وانغ يزور موسكو بشكل رئيسي لحضور اجتماع البريكس للشؤون الأمنية في سانت بطرسبرغ- حيث حاول البعض في الولايات المتحدة تفسير الاجتماع الأخير لـ وانغ مع سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو على أنه إشارة إلى استعداد الصين لتزويد روسيا بدعم جديد.
وفي واقع الأمر، ركز اجتماع وانغ وشويغو بشكل أساسي على التعاون الثنائي، والاتصالات في إطار البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها من الأطر المتعددة الأطراف لصالح الشعبين وما بعدهما.
وفي هذا العام، واستناداً إلى نقطة البداية الجديدة للذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين بكين وموسكو، حافظ الجانبان على التبادلات على جميع المستويات، وعززا بشكل أكبر الأسس السياسية والاجتماعية لعلاقاتهما الودية.
وأما فيما يتعلق بأزمة أوكرانيا، كما أكد وانغ، فقد حافظت الصين دائماً على موقف موضوعي وعادل تجاهها، وتظل ملتزمة بوقف إطلاق النار والحل السياسي للأزمة.
ولكن بدلاً من ذلك، تحاول الولايات المتحدة إطالة أمد الأعمال العدائية من خلال توفير الأسلحة لأوكرانيا، وتخريب أي جهود مؤيدة للسلام من جانب أطراف أخرى، وتشويه سمعة وسطاء السلام باعتبارهم شركاء لموسكو.
وفي مقابلة حديثة مع وسائل الإعلام، كشفت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية السابقة فيكتوريا نولاند أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرهما من الداعمين لأوكرانيا هي التي أخبرت كييف برفض الاتفاق الذي تم التوصل إليه في محادثات السلام في إسطنبول عام 2022 مع روسيا.
وحسب التحليلات السياسية، فإن الصين ليست المحرض على أزمة أوكرانيا، وهي ليست طرف فيها لأنها لم تذكي نار الصراع قط، ولم تستخدم الوضع لخدمة أغراضها الخاصة.
لقد حان الوقت لأن تبذل الولايات المتحدة، بدلاً من الخطابات الرنانة، جهوداً حقيقية لتعزيز محادثات السلام وتخفيف الأزمة، كما قال جينغ شوانغ، نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، في إحاطة لمجلس الأمن الدولي مؤخراً بشأن توريد الأسلحة إلى أوكرانيا.