المشاريع الريحية في سهل الغاب.. خلاف في الآراء وغياب للدراسات!!
دمشق – نجوة عيدة
تتضارب الآراء حول إمكانية قيام مشاريع ريحية في سهل الغاب وليس من الصعب إدراك أن من يؤكدون إمكانية ذلك من عدمه لم تجمعهم يوماً طاولة حوار ولا حتى اجتماع افتراضي، ولم تفرش طاولاتهم بخرائط ريحية للمنطقة منذ سنين مضت، لسبب بسيط وهو غياب “الهمة”.
قوة الرياح
الرياح العاتية، التي شهدها سهل الغاب خلال العامين الماضيين، نتيجة انعدام الغطاء النباتي شبه الكلي الذي خلفته الحرائق، دفعنا للبحث عن مصادر شريكة لـ “الشمس” في تأمين الطاقة، ولكن يبقى ما نتحدث عنه مجرد مشاهدات يومية من قبل ساكني المنطقة ليس لها أساس علمي سيما في ظل غياب محطات لرصد شدة الرياح في منطقة عين الكروم وشطحة وعناب وهي “بيت القصيد ” في ملف الرياح.
مصدر خاص بمحطة إرصاد الكريم في سهل الغاب أكد لـ”البعث” في اتصال هاتفي أن تلك المناطق من الممكن الاستفادة منها علمياً وذات جدوى لإنشاء مشاريع ريحية منذ أكثر من 20 عام وهي تتفوق على الطاقة الشمسية، حيث أن الرياح تهدأ شهرين فقط وتنشط باقي العام وتشتد بأشهر معينة وعلى مدار اليوم ولإثبات هذا الكلام يؤكد المصدر ضرورة إعادة التفكير بإنشاء محطة لقياس شدة الرياح في تلك المناطق رغم تكلفتها العالية، وهو طرح ليس جديد بل كان هناك قراءة قبل الحرب لإنشاء محطات فيها.
وللتحقق علمياً من جدوى الرياح التي تجوب السهل، تواصلنا مع عميد كلية الهمك في جامعة حماة الدكتور طلال عساف الذي أوضح أن الطاقة الريحية حالة خاصة من الطاقة الشمسية، بمعنى أن 2% من الطاقة الشمسية المرسلة إلى الأرض تتحول لطاقة رياح وهي من أنظف الطاقات الموجودة غير الكلاسيكية وتأتي مباشرة بعد “الكهرومائية”، ولأن سر الرياح في قوتها فقد بيّن عساف أن الحد الأدنى اللازم لتدوير شفرات العنفات الريحية هي 5 متر في الثانية أو 18 كم في الساعة لكن حتى تدور بشكل فعال واقتصادي تحتاج لسرعة 6،9 متر في الثانية أي ما يعادل 24،8 كم في الساعة، ولكي يتم إنشاء مزارع طاقة ريحية بشكل فعال ومجدي يجب أن تتم دراسة ريحية كاملة للمنطقة للتأكد من جدواها الاقتصادية بمعنى إن كان هبوب الرياح خلال أيام السنة والنهار بمعدل 18 إلى 20 ك – وهي اللازمة لتشغيل الشفرات- نصف ساعة بالنهار أو من ثلاثين إلى 40 يوم في السنة فهي حكماً غير مجدية حتى وإن كانت رياح موسمية، لأننا وبحسب كلامه نريد أن نحسب المردود النهائي والجدوى الاقتصادية.
ونوه عساف إلى أن المشاريع الريحية حتى يتم إنشائها تحتاج إلى دراسة عام على الأقل وهي مهمة المعنين بنقابة المهندسين أو الأرصاد الجوية لدراسة الكمون الريحي في بعض المناطق بسهل الغاب ووضع الدراسات ثم رسم مخطط ريحي للتأكد من جدواها، وعرج عميد كلية “الهمك” على المناطق الريحية بسورية والتي تحتضن العنفات كمنطقة حمص وطرطوس “السنديانة” والتي تعتبر مجرى رياح دائم إضافة للجولان والجبال الفاصلة بيننا وبين لبنان أما باقي المناطق لم يتم عليها أي دراسة.
وبحسب عساف فإن الحلول لأزمة الكهرباء بيد الحكومة وبرأيه الشخصي يجب أن يكون هناك دراسة لتأمين الكهرباء عبر الوقود ودفع فواتيرها مهما كانت فهي أفضل من قيام كل فرد بتركيب طاقة شمسية تصل تكلفتها لحدود الـ 50 مليون وأكثر وتحتاج بطاريتها للتبديل كل عامين أو ثلاثة ودفع ثمنها، حتى مع بطارية الليثيوم حديثة الصنع والتي تعتبر أفضل الأنواع حالياً، وبحسبة اقتصادية رأى عميد “همك” حماة أن تكلفة الطاقة البديلة كل شهر أعلى بكثير من فواتير الكهرباء سيما مع حسبة الإنفرتر وببعض الاحيان عدم القدرة على تشغيل البرادات والمكيفات عبر الطاقة المتجددة.
ماذا قال “بحوث الطاقة”؟
المهندس سامر خليل، المختص بالطاقة الريحية في مركز بحوث الطاقة، بيّن أن لاعلاقة للتغير المناخي بقوة معدل الرياح السنوي وكل ذلك لا يتعلق بانعدام الغطاء النباتي أيضاً، حيث أن تحديد مدى الجدوى من إقامة مشاريع مزارع رياح كبيرة في منطقة معينة يحتاج لعملية قياس أو حملة قياس تطلق في تلك المنطقة وتستمر لمدة سنتين على الأقل، خاصة وأن هذه المشاريع تكلف حالياً عشرات ملايين الدولارات، لذا لا بد من دراسة الجدوى الاقتصادية بشكل تفصيلي بحيث تبنى على بيانات قياس حقيقية وبجودة ومواصفات معينة.
ولفت خليل إلى إن المركز ليس لديه دراسة للرياح في منطقة الغاب، لكن مستقبلاً هناك خطة على مستوى وطني لدراسة كمون الرياح في العديد من المناطق ومن بينها منطقة الغاب، أما عن مشاريع الرياح فهي بحسب خليل من المشاريع الضخمة التي تتطلب خبرة كبيرة في مرحلة الدراسة والتصميم والتركيب والتشغيل والصيانة، وتشكل تلك التكاليف نسبة تتراوح ما بين ٢٥ الى ٣٠ بالمئة من مجمل تكاليف إنتاج الطاقة على مدار العمر الفني الزمني للمشروع، وهذا ما لا تتطلبه مشاريع الطاقة الشمسية التي تعتبر مولدات ساكنة تنعدم فيها تكاليف التشغيل والصيانة تقريباً عند المقارنة مع مشاريع طاقة الرياح، هذا بالإضافة الى سهولة تشغيلها ومراقبتها والتحكم بها، إضافة إلى أن تكاليف إنتاج الطاقة من مشاريع الطاقات المتجددة أقل خاصة عند الحديث عن الكلف الجارية.
مايهم المواطن في نهاية الأمر ما يهم المواطن هو تأمين الكهرباء، وهذا مادفع العديد منهم لتركيب ألواح طاقة شمسية تكلفتها وصلت لمبالغ كبيرة، أما عن الرياح فلا بد من وجود تشاور رسمي وأكاديمي للاستفادة من الكمون المتوفر ومشاركة المستثمرين والقطاع الخاص في هذا الميدان علنا نفتح باب آخر لنفاذ الكهرباء لمنازلنا.