أهل البيت.. لا “نازحون” و لا “لاجئون”
علي اليوسف
بكل الأخوة والإنسانية والوجدان النضالي، حدد الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية إلى الحكومة الجديدة عنواناً أساسياً لعملها، في ساعاتها الأولى بعد أدائها القسم، وهو كيف يمكن أن نقف مع أشقائنا في لبنان بكل المجالات وبكل القطاعات من دون استثناء ومن دون تردد؟
هذه اللفتة العميقة، كعمق التاريخ والجغرافيا بين البلدين والشعبين الشقيقين، ليست تضامناً، وليست من باب ردّ الجميل للأخوة في المقاومة فحسب، وإنما من الشعور بالواجب تجاه بلد وشعب تربطه مع الشعب السوري روابط لا يمكن أن تكون إلا بين أبناء العائلة الواحدة والمصير الواحد. ولكي لا يتحدث أحد عن مبالغة ما، فقد انطلقت، منذ اللحظات الأولى لبدء العدوان الصهيوني الوحشي على لبنان، حملات شعبية ذاتية، وفي مناطق ومدن سورية عديدة، لمؤازرة الأشقاء، وفتح المنازل أمام الوافدين، بما أعاد للذاكرة عدوان تموز 2006، مع فارق أن سورية تعيش الآن أوضاعاً صعبة نتيجة التخريب الذي مارسته جيوش الإرهاب التكفيري المدعوم أطلسياً وإسرائيلياً، وبفعل الحصار أحادي الجانب، والإجراءات الاقتصادية القسرية التي يتعرض لها الاقتصاد السوري بعد حرب تدميرية ممنهجة يتعرض لبنان اليوم لحلقة جديدة منها.
نعم، لن تمنع الحرب على سورية، وسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، من تقديم العون للأشقاء في لبنان، فالفصل الجديد في التلاحم والتكاتف ليس إلا فصل آخر من فصول الشعب الواحد الذي يجمع أشقاء الدم والأخوة ليكونوا ضيوفاً لا “نازحين، و لا “لاجئين”، فمشاعر التآخي والتضامن هي نتاج طبيعي للشعور بالمصير الواحد، ووفاء للدماء التي تسيل في هذه المعركة البطولية.
ومن دون الطرق على أبواب التاريخ، وما كانت تتعرض له سورية من حروب وجودية، فقد كانت العلاقات استثنائية دائماً مع لبنان، بغض النظر عن صعود وهبوط مستوى هذه العلاقات بين حين وآخر. ولم تكن التقلبات العابرة إلا بفعل التدخل الغربي والإسرائيلي لقطع الود بين البلدين، خاصةً وأن العدو الإسرائيلي يعلم أن الأسباب في تميز العلاقات السورية اللبنانية لا ترتكز في أساسها إلى المعطيات الجغرافية البشرية والتاريخية فقط، بل استناداً لمعطيات جيواستراتيجية، وتحديداً فيما يتعلق بالصراع مع العدو الصهيوني.
وانطلاقاً من هذا الواجب الكفاحي والقومي والإنساني، كان رفع حالة الجاهزية في كل المنشآت الصحية والنقاط الطبية على المعابر الحدودية مع لبنان لاستقبال جميع الحالات الوافدة، وتقديم الخدمات الصحية اللازمة لهم، وتقديم الدعم الكامل للمتضررين، والتركيز على المتطلبات الصحية، مع وضع جميع المشافي التابعة لمديريات الصحة في المحافظات الحدودية مع لبنان بجاهزية تامة لاستقبال أي حالات. كما تم تجهيز مراكز إيواء رئيسية، و مراكز إيواء احتياطية، فضلاً عن تبسيط الإجراءات وانسياب حركة القدوم والمغادرة، وبعيداً عن الأضواء الإعلامية، إلى جانب تنظيم حملات للتبرع بالدم، فالمعركة واحدة والمصير واحد، وتبقى سورية ولبنان عنواناً مشرقاً لوحدة الدم والتلاقي والأخوة.