صحيفة البعثمحليات

تحديث المناهج

غسان فطوم

أي تعليم يتلقاه أبناؤنا في مدارسهم وفي جامعاتهم؟ سؤال من الضروري جداً أن نطرحه بشكل دائم، طالما تطوير المناهج يتمّ ببطء شديد، ولا يراعي قدرات وميول الطلبة، وحاجات ومتطلبات المجتمع، وهذه حقيقة نلمسها في مناهج اليوم مدرسية كانت أم تربوية!.

اليوم لا يكفي أن نوفر التعليم للجميع، ونجعل الدخول للجامعة متاحاً أمام كلّ الناجحين في الثانوية العامة، بل الأهم أن نوفر المناهج العصرية ذات السلاسة والمرونة في مضمونها، بحيث لا تشكّل محتوياتها أي عبء على الطلبة، كأن تكون أعلى من مستوى قدراتهم، مع التأكيد على الجودة في أقصى درجاتها، وإلا ستبقى المخرجات مجرد أرقام لا قيمة لها في سوق العمل!.

في سؤال للكثير من المدرّسين والمعلّمين عن واقع حال المناهج في الجامعات والمدارس، لم يتردّد العديد منهم في الإشارة إلى وجود ركاكة والكثير من الإضافات (الحشو) الزائد في المناهج التي لا طائل منها، وبعضهم أشار أيضاً إلى وجود حواجز ما بين المعلومة والطالب، حيث يصعب عليه فهمها نظراً لغياب التوازن بين مضمون المناهج وعقل الطالب، وبشهادة أولياء الأمور أن العديد من المناهج المقرّرة في مرحلة التعليم الأساسي أعلى من مستوى القدرات العقلية للطلبة، نظراً لوجود كمّ هائل من المعلومات والأفكار المحشوة بطريقة غير مفهومة وغير محبّبة، فهي تفتقد للجمال والتقبل المريح، ويغيب عنها التوازن بين اللغة والكتابة والشرح والهدف، مما يجعل العملية التعليمية تسير بالاتجاه المعاكس، لأن الطالب يدرس من أجل النجاح وإرضاء معلمه وذويه، وليس بهدف تنمية مهاراته وقدراته الإبداعية التي يتطلبها سوق العمل!.

ما سبق يحتّم على واضعي المناهج في وزارتي التربية والتعليم العالي وباقي الجهات ذات العلاقة، وضع خطة إستراتيجية لتحديث دائم للمناهج في المدارس والتخصّصات في الجامعات، وهذا الأمر بات واحداً من أكثر التحديات التي تواجه العالم، فاليوم هناك إجماع عالمي على أن التعليم هو “أهم الاستثمارات الأكثر إنتاجية التي تمكّن الدول من تحقيق الأمن والازدهار”، ما يعني أنه لا تنمية حقيقية مستدامة من دون تعليم عالي الجودة في المنطلق، والأهداف المستقبلية، والتقويم، والبرامج وكذلك جودة المدرّسين… وغيرها.

بالمختصر.. من المفروض أن نركّز في تحديث المناهج على تعليم ريادة الأعمال وتنمية المهارات التكنولوجية والمهنية التي يتطلبها القرن الـ 21، من أجل ضمان تحقيق النمو الاقتصادي، لذا فإصلاح المناهج ليس بطباعتها على أفخر أنواع الورق بأشكاله وألوانه الزاهية، وإنما الإصلاح يجب أن يبدأ بتطوير المحتوى العلمي عبر وضع رؤية واضحة وشاملة لتطوير المنظومة التعليمية بشقيها التربوي والجامعي بما يتواكب مع التطورات العالمية، بهدف إيجاد جيل متعلّم ومبدع قادر على المنافسة، فقد حان وقت التغيير نحو الأفضل بشكل مدروس وممنهج.