هيستيريا إجرامية
هيفاء علي
في خضم الهيستيريا الإجرامية التي تهيمن على حكومة الاحتلال هذه الأيام، والتي دفعتها إلى إطلاق العنان لإرهابها تجاه الجنوب اللبناني، بتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية، التي أسفرت عن عشرات الشهداء والمصابين بفقدان البصر أو بتر الأطراف، جاء العدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال قادة المقاومة والتي كان آخرها اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، وبالطبع بدعم كامل وغير مشروط من الولايات المتحدة والغرب كله الذي يقف خلف الكيان الصهيوني المحتل ويزوّده بالأسلحة الفتاكة وبكل المعلومات التي يحتاجها، إذ تعمل الأقمار الصناعية الأمريكية على مدار الساعة وترسل الصور للكيان.
إن منطقة الشرق الأوسط معرّضة للغرق في فوضى الحرب، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة وجنوب لبنان، واحتدمت وتيرتها في أعقاب استشهاد قادة هذه المقاومة الشهيدين حسن نصر الله وإسماعيل هنية، فاستشهاد سيد المقاومة اللبنانية حسن نصر الله هو نذير حرب مؤكدة وحريق عام في الشرق الأوسط، ولكن اندلاع حريق عام أمر غير محتمل، على الأقل على المدى القصير، إذ لن ترغب أي دولة في المنطقة في الشروع في هذه المغامرة.
قبل أربعين يوماً من الانتخابات الرئاسية الأميركية، سيكون الجنود الأميركيون هدفاً للمقاومة في اليمن والعراق وسورية ولبنان، وإذا أريد حقاً إيذاء الأمريكيين، والتأثير على معنوياتهم، وجعلهم يشكّكون في التزامهم العسكري، فسيكون ذلك بمثابة التسبّب بخسائر عسكرية، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وسوف تدفع الحكومة القائمة ثمناً باهظاً لذلك، من الناحية الانتخابية، خاصة وأن العديد من الجنود الأمريكيين يجدون أنفسهم في مواقف هشّة، وقد أظهرت حركات المقاومة قدراتها وحسّها الاستراتيجي.
وحول الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، وهو على بعد مرمى حجر من فصل الشتاء، وتقاعس المجتمع الدولي وعجزه في مواجهة الإبادة الجماعية للفلسطينيين التي تفرضها عصابة نتنياهو الصهيونية، هناك مخاوف من عدم التوصل إلى هذا الحلّ، حيث أظهر الكيان الصهيوني، منذ الثامن من تشرين الأول، عزمه على القيام بتطهير عرقي في قطاع غزة. وبعد أن فشل في دفع سكان غزة إلى العودة نحو مصر، فإنه يحاول الآن أن يجعل حياتهم مستحيلة بكل بساطة، فقد دمر جميع الهياكل التعليمية والمستشفيات والإدارية والدينية والاقتصادية وغيرها بشكل منهجي، والعالم يعرف ذلك ويراه بأم العين، لكنه غير قادر على الردّ، وحتى لو انتهت الحرب، فإن سكان غزة لن يتخلصوا من المرض، والمجاعة، والبرد، والخمول، والخراب، إن الكارثة الإنسانية ليست على وشك الانتهاء.
حتى الآن يواصل نتنياهو هذيانه الدعائي، فهو يعلم أنه يروي القصص لكنه لا يهتمّ، وهو يحتقر الأمم المتحدة والقانون الدولي وأغلبية الدول المكونة لها، وهو متأكد من إفلاته التام من العقاب على مدى عشرات السنين بفضل صمت ودعم المجتمع الدولي للكيان المحتل.