كي لا تتغير وجهة البوصلة!
حسن النابلسي
نقلت مؤخراً لأحد المسؤولين ما جرى مع عدد من المستثمرين العمانيين في مطار دمشق الدولي من معاملة غير مستحسنة من قبل بعض الموظفين، ما حدا ببعضهم لإعادة النظر بإقلاع مشاريعهم في سورية، ليبادرني المسؤول بالقول: لو صلت هذه الشكوى إلى المعنيين لتمت معالجتها فوراً.
لا نشكك أبداً بما أدلى به هذا المسؤول، فبالتأكيد أنه – على الأقل – كان سيتم النظر في هذه الشكوى حال وصولها للمعنيين ومحاسبة الموظف، سيما وأنها لا تنم إلا عن تصرفات شخصية، ولكن كيف يمكن لمستثمر قادم إلى البلد، بنية دراسة السوق والمناخ الاستثماري، أن يكمل ما أتى من أجله لدى اصطدامه بمعاملة كهذه فور وصوله إلى بلد متعطش للاستثمار؟ ألا يندرج هذا الموقف على أجندة دراسته؟
وإذا ما تم تجاوز هذا الموقف، ومضى هذا المستثمر أو ذاك جاداً بإطلاق مشاريعه، فسرعان ما سيصطدم بعقبات الروتين والبيروقراطية التي لا تزال تقض مضاجع من ضبطوا بوصلتهم الاستثمارية باتجاه سورية.
وإذا ما اعتبرنا أن ما يصدر من سوء معاملة، هنا أو هناك، لا يعدو مجرد تصرفات فردية، فإن ذلك يوجب بالضرورة القصوى على الحكومة وجهاتها المعنية بالاستثمار الوقوف ملياً على توظيف كوادر مؤهلة تأهيلاً جيداً – بل استثنائياً – وتحسن التعامل مع المستثمرين المحليين والخارجيين، ليس هذا فحسب بل لا بدّ أيضاً من المتابعة والإشراف الدائم على سيرورة العمل في المطارات والمنافذ الحدودية وفي أروقة الجهات المعنية بالاستثمار وتذليل أية عقبة أمام المستثمرين مهما كانت صغيرة.
المغزى ما سبق.. إذا ما أرادت الحكومة بالفعل تفعيل عجلة الإنتاج وجذب المستثمرين، عليها أن تضع نصب عينها ما يعانيه المستثمر المحلي أو الخارجي، على السواء، من عوائق لوجستية، علماً أن معظم المستثمرين – ومنهم الخارجيون – يدركون تماماً ما تعانيه البلاد من تحديات كبيرة في مجال الطاقة وحواملها، ومع ذلك نجد أن قسماً منهم لم لديه الإصرار على العمل في ظل هذا الواقع الصعب، وهذه بحد ذاتها إيجابية لا يستهان بها، كما أنهم يدركون أيضاً حجم العقوبات المفروضة على سورية، ومع ذلك لديهم توجه بالاستثمار فيها، وهذا بالنتيجة يصب بمصلحتنا الاقتصادية، وبالتالي أفلا يجدر الضرب بيد من حديد لتصويب مسارات التعامل مع المستثمرين حتى لا يغيروا وجهة بوصلتهم!