صحيفة البعثمحليات

تقليم الشجرة الفلاحية!

بشير فرزان 

لم يدخر المجتمع الفلاحي جهداً أو قطرة عرق في سبيل بلده، ولم يقصّر في تحقيق إنتاجية زراعية كانت وما زالت واحدة من أهم مقومات الانتصار، لذلك هم بحاجة اليوم مع كلمات المواساة إلى مدّ يد العون لهم عبر سلسلة من الإجراءات التنفيذية التي تحقّق دعماً حقيقياً وفعلياً للفلاح يشمل كامل الدورة الزراعية، حاصة وأن المنظمة المعنية باحتضانهم ومتابعة قضاياهم وتحقيق مطالبهم لم ترتق بعملها ليواكب الوقائع الجديدة في حياة الفلاح السوري الذي لا يعرف عن وجود حاضنته المؤسساتية، إلا في عيد الشجرة وكرنفالات التشجير التي بدورها تعكس أيضاً حقيقة الحضور الثانوي لهذه المنظمة التي قد يكون لها كلمة احتفالية فقط.

ولا شكّ أن التدقيق في حياة الفلاحة والعمل الزراعي يكشف أن هناك الكثير من القضايا التي تحتاج إلى حلول جذرية وفاعلة، وعمل جماعي وتنسيق بين الاتحاد العام للفلاحين، ووزارة الزراعة وجهات أخرى لها علاقة بالعملية الزراعية، وتنشيط الفلاح وتثبيته بأرضه ومعوله، خاصة وأنه خلال السنوات الماضية كان هناك ثغرة واضحة في هذا المجال، والغريب أن راسم الخطط الزراعية تجاهل، أو لنقل إنه لم يفطن لذلك، وبقيت الحلقة المفقودة مصدراً للمنغصات والهموم التي وأدت آمال الفلاح وأحلامه تحت أنقاض الوعود المتراكمة في الأدراج، وطبعاً هذا الكلام بما يتضمّنه من مصداقية الوصف يمثل عين الحقيقة التي لن تغطى بغربال التصريحات الإعلامية المتتالية.

ومن الضروري، مع ضعف الأداء والفاعلية، أن يتمّ تقليم الشجرة الفلاحية واختصار الكثير من المكاتب والنفقات التي تصرف من جيوب الفلاحين على رفاهية البعض واجتماعاتهم الخالية من الدسم، ومن العائدية الفعلية على الإنتاج الزراعي وحياة الفلاح الذي يمضغ قسراً مرارة الدعم المفقود، وبشكل يضرّ باستمرارية العمل ويحبط محاولات إخراجه من شرانق الشعارات، وغيرها من المعوقات التي تبقي الساحة الزراعية دون أي مشهد أو فعل بمستوى خطوة حقيقية نحو الإمام، فالواقع المعيشي للفلاح يفرض حالة من الاستنفار والعمل الاستثنائي على الجبهة الزراعية، بحيث تحشد كامل الطاقات في مسار مضاعفة الإنتاج بشتى الطرق والوسائل المدرجة ضمن إستراتيجية عمل تضمن التسويق للمنتجات الزراعية ووضعها موضع التنفيذ كإستراتيجية عمل إنتاجي جماعي قادرة على زجّ الجميع في معركة الإنتاج الزراعي، وتجاوز التحديات بمختلف أشكالها ضمن نهج الاقتصاد الزراعي، بحيث يمكن استثمار كلّ شبر من الأرض ليكون من مولدات الإنتاج التي تضيف لبنة جديدة إلى الواقع الزراعي المتصدّع نتيجة ضربات موجعة من مطرقة الإنجازات الوهمية التي أنتجت ضعفاً في العائدات الاقتصادية المجزية للفلاح الذي تلاحقه الديون والخسائر، هذا عدا عن اصطياد مستلزمات عمله بصنارة الدعم غير المتحقق على أرض الواقع!