دراساتصحيفة البعث

مياه اليابان السامة تتحدى القانون الدولي

ترجمة: هناء شروف

منذ البداية، كان قرار الحكومة اليابانية بتصريف المياه الملوثة بالأسلحة النووية من محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في البحر موضع تساؤل من قبل المجتمع الدولي.

خطة اليابان هي خطوة غير مسؤولة للغاية، حيث تجاهلت الآراء المهنية والموثوقة للوكالات الدولية، والمعارضة في الداخل والخارج، مبينةً استخفافها بالبيئة البحرية والصحة العامة. إن حجم المياه الملوثة بالأسلحة النووية التي قررت اليابان تصريفها في البحر، ومخاطرها المحتملة غير مسبوقة، إذ تحتوي مياه الصرف المشعة على أكثر من 60 نويداً مشعاً لا يمكن معالجة الكثير منها بفعالية باستخدام التقنيات الحالية.

كما يمكن أن تنتشر بعض هذه النويدات المشعة عبر المحيطات عن طريق التيارات والدوامات، وتضر بالبيئة البحرية والإيكولوجيا، وبذلك سيكون لمياه الصرف الملوثة  المخطط تصريفها في البحر على مدى 30 عاماً  تأثير على البيئة البحرية، والصحة العامة في جميع أنحاء العالم.

ووفقاً لمعهد البحث العلمي البحري الألماني، ونظراً للتيارات القوية على طول ساحل فوكوشيما، ستنتشر المواد المشعة إلى معظم المحيط الهادئ في غضون 57 يوماً من يوم التفريغ، وستصل إلى جميع المحيطات في غضون عقد من الزمن. وقال خبراء نوويون في “غرينبيس” إن مستوى النظير المشع كربون -14 في مياه الصرف سيظل خطيراً لآلاف السنين مع احتمال التسبب في أضرار جينية.

تلتزم جميع الدول بأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حماية البيئة البحرية، والحفاظ عليها، والمشاركة في حماية كوكب الأرض. ووفقاً لأحكام القانون الدولي العام، واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، فإن اليابان ملزمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع تلوث البيئة البحرية، وعليها اتخاذ التدابير الاحترازية لتقليل التلوث البيئي، والآثار الخطرة المحتملة، وضمان الشفافية، والمشاركة في التعاون الدولي للحد من مخاطر الإضرار بالبيئة البحرية.

لكن الجانب الياباني يتجاهل مسؤولياته، والتزاماته الدولية بذرائع مختلفة، وخطته  لإلقاء المياه العادمة السامة في البحر ليست الطريقة الوحيدة للتعامل مع المياه الملوثة، كما أنها ليست الطريقة الأكثر أماناً للتخلص منها. ولكن قبل الاستكشاف الشامل لجميع وسائل التخلص الآمنة، قررت اليابان من جانب واحد تصريف المياه العادمة السامة في المحيط لتقليل التكاليف الاقتصادية، وتعريض الحياة البحرية وصحة الإنسان لخطر جسيم.

زعمت الحكومة اليابانية مراراً، وإن لم تثبت ذلك، أن المياه الملوثة آمنة بما يكفي للشرب بعد معالجتها، ولكن وفقاً للبيانات الصادرة عن اليابان  فإن أكثر من 70 في المائة من المياه الملوثة المعالجة المخزنة في الخزانات لا تزال تحتوي على عناصر مشعة تتجاوز بكثير الحدود التنظيمية للتصريف. في الواقع  أفاد تقرير من اليابان إن الأسماك التي يتم صيدها في الميناء بالقرب من المحطة النووية المعطلة تحتوي على مادة السيزيوم المشعة أكثر من 180 مرة من الحد القانوني الياباني.

إنه لأمر مؤسف أن بعض الحكومات الغربية، ووسائل الإعلام  التي تميل إلى تضخيم القضايا البيئية مثل حادث تشيرنوبيل النووي في الاتحاد السوفييتي في عام 1986، والضباب الدخاني، والعواصف الرملية في الصين في السنوات الماضية، استجابت لقرار اليابان بشكل سلبي إلى حد ما. إنهم يتجنبون الحديث عن المخاطر التي تشكلها المياه العادمة المشعة على البيئة البحرية، وحياة الإنسان، بل إن البعض يذعن لخطوة اليابان مما يفضح نفاقهم.

ينبغي على اليابان أن تراعي الشواغل الدولية وتفي بالتزاماتها الدولية، وتغير خطة تصريفها، وتستكشف جميع الوسائل البديلة للتخلص من المياه العادمة المشعة بطريقة علمية وشفافة وآمنة تحت إشراف دولي.