دراساتصحيفة البعث

زيلينسكي يفشل بتسويق خطته في الغرب

ريا خوري

بعد رحلته الأمريكية، يجول الرئيس الأوكراني زيلينسكي في أوروبا طلباً لدعم خطته، كون خطته للنصر تستند إلى السماح له باستخدام الأسلحة الغربية في ضرب العمق الروسي، وهو أمر لا تستطيع الدول الغربية تحمل تكاليفه الكبيرة وتداعياته الخطيرة، لأنه قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، وهو ما حذّر منه كبار المسؤولين الروس مراراً وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

كان فلوديمير زيلينسكي  يراهن على القمة التي كان مقرراً عقدها في قاعدة رامشتاين العسكرية الأمريكية في ألمانيا بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكن رهانه تلاشى بعد أن تمّ إلغاء الاجتماع لاعتذار الرئيس جو بايدن عن الحضور بسبب إعصار ميلتون المدمّر الذي يضرب جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.

وكان زيلينسكي يعلق الآمال على اجتماع رامشتاين في الحصول على مزيد من الأسلحة الضرورية بالنسبة لأوكرانيا ومستقبل مسار الحرب، وفشل فشلاً ذريعاً في عرض ما سمّاه (خطة النصر) على الأعضاء المشاركين في الاجتماع، مع علمه المسبق أنّ القادة الغربيين لا يؤيدون استمرار دعم أوكرانيا كون هذا الدعم فوق طاقتهم، إضافةً إلى أنها غير مضمونة النتائج، وهم يدركون حجم الفشل الذي يعيشه الجيش الأوكراني في عملياته العسكرية مقابل الجيش الروسي القوي، مع علمه المسبق أيضاً، أن روسيا لديها من القدرات العسكرية ما يمكّنها من مواجهة التصعيد بتصعيد أشدّ وأخطر منه، وبما يمكن أن يوسّع المواجهة لتتجاوز الأراضي الأوكرانية.

الجديرُ بالذكر أنّ زيلينسكي كان يطالب كلّ دولة يزورها بالإسراع في إرسال المزيد من الأسلحة النوعية إلى بلاده قبل فصل الشتاء، حيث يواصل الجيش الروسي القوي تقدمه السريع في شرق أوكرانيا، وهي الدعوة التي ردَّدها مراراً خلال زيارته إلى المملكة المتحدة ثم إلى فرنسا واجتماعه إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، حيث أعلن رفضه الصريح التفاوض مع روسيا، وردّد مراراً بأنَّ (المفاوضات ليست موضوع بحثنا)، معتبراً الحديث عن المفاوضات بمثابة (تضليل إعلامي من روسيا)، مؤكداً أنَّه لا يمكن لأوكرانيا أن تتفاوض إلا من موقع قوة.

هذا الموقف كرّره زيلينسكي في ألمانيا، عندما التقى المستشار شولتس الذي تنوي حكومته خفض المساعدات العسكرية المخصّصة لأوكرانيا لدرجة كبيرة، وهو أمر قد ينسحب على عدد كبير من الدول الأوروبية الأخرى، وربما على الولايات المتحدة في حال انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب. حيث توقع  عدد كبير من قادة الغرب الأمريكي- الأوروبي انهيار المساعدات الغربية بشكلٍ كبير، فإن تقديرات المساعدات المالية وصلت إلى تسعة وخمسين مليار يورو عام 2024 م، وأربعة وخمسين مليار يورو عام 2025، إذا أبقى المانحون الغربيون المساعدات على هذا المستوى، لكن في حقيقة الأمر أن تلك المساعدات ستتراجع إلى النصف تقريباً، حيث تصل إلى تسعة وعشرين مليار يورو، وسبعة وعشرين مليار يورو تباعاً، وذلك بسبب ما تواجهه هذه الدول من أزمات اقتصادية حادة واجتماعية ومعيشية صعبة وقاسية تلقي بظلالها القاتمة على المجتمعات الأوروبية.

تلك المواقف التي باتت واضحة وصريحة، وتلك الظروف الصعبة التي تمرّ بها الولايات المتحدة والغرب الأوروبي، تجعل من أوكرانيا دولة ضعيفة تواجهها مع الدول الغربية بالدرجة الأولى وموقفاً أضعف في مواجهة الجيش الروسي القوي جداً، لذا فما على القيادة الأوكرانية أن تتناسى ما أطلقت عليه (خطة النصر) والتوقف عن تسويقها.