صحيفة البعثمحافظات

مع تهميش وتقليل أهميتها.. “التربية” تسعى جادة لتنشيط الرياضة المدرسية وجديدها “الانضباط المدرسي”

البعث- علي حسون

لم تغفل وزارة التربية في قراراتها الصادرة ضرورة التقيّد بالتعميم الوزاري بإعطاء حصص مواد التربية الرياضية والموسيقية والفنية من قبل مدرّسي هذه المواد، وعدم إشغالها باختصاصات أخرى، مع آلية واضحة لوضع درجات الأعمال بحسب مستوى الطلاب وتفاعلهم الإيجابي أثناء الحصص.

هذا التعميم من القائمين في وزارة التربية لم يأتِ من فراغ، بل جاء تأكيداً على دور الرياضة في تنمية الجسد والعقل، ومناقشة آلية تنظيم وتنشيط الرياضة المدرسية، وفق ما أوضحه وزير التربية الدكتور محمد عامر مارديني خلال الاجتماعات المتعلقة بهذا الملف، لافتاً إلى أهمية التشاركية مع الجهات المعنية، وخاصة الاتحاد الرياضي لوضع خطة تطويرية للرياضة المدرسية، واكتشاف المواهب ورعايتها، والتعاون لتوفير المتطلبات اللازمة، وتنظيم العمل، وخاصة ما يتعلّق بالكوادر التدريبية والإدارية والمنشآت المشتركة.

اصطدام بالواقع

وزارة التربية تسعى جاهدة لتعزيز التربية المتوازنة وتكوين شخصية التلميذ، وتفعيل التواصل الإيجابي مع تعزيز قيم التعاون، واحترام الآخر والمنافسة الشريفة، إلا أن هذه القرارات اصطدمت بواقع الرياضة المدرسية في أغلب المدارس، حيث بقيت تعاني من مشكلات جمّة ونواقص في المدرّسين والأدوات، فعندما يحضر المدرّس تغيب الأدوات والتجهيزات، وفي حال وجدت الأدوات غاب المدرّس، ما يعني أن الكثير من إدارات المدارس تهمّش دروس الرياضة وتقلّل من أهمية الحصص الرياضية بمساعدة مدرّسي المادة، معتبرين أن حصة الرياضة ليست ذات جدوى رغم وجودها في البرنامج، لتكون بمثابة حصص فراغ تريح المدرّس ويبقى الطلاب يلعبون ويتدافعون في باحة المدرسة، وفق ما أوضحته إحدى المدرّسات.

الروح الجماعية

واعتبر مختصون بالشأن الرياضي التربوي أن المسؤولية تقع على الموجّهين التربويين لعدم متابعتهم خلال جولاتهم الميدانية، معتبرين أن حالات العنف بين الطلاب سببها فرط النشاط والذي لا يمكن ضبطه، إلا من خلال دروس الرياضة وتطبيق المنهاج حسب التعليمات الوزارية، علماً أن وزارة التربية عملت جاهدة على تطوير مناهج التربية الرياضية بالتوازي مع المناهج الأخرى، خاصة وأن المناهج المطورة تؤكد على بناء الروح الجماعية البنّاءة والداعمة للحدّ من السلوكيات والظواهر المنافية للأخلاق والقيم والمعايير المؤثرة بشكل سلبي على كل من العقل والجسم، وعلى التوازن النفسي والاندماج الاجتماعي، وذلك بما يتقاطع مع دراسات تؤكد أن التربية الرياضية إحدى مكونات التربية العامة، وتهدف إلى تقوية صحة الإنسان ونموه الجسدي السليم وتسهم مع جوانب التربية الأخرى عقلياً وبدنياً ونفسياً في نمو الإنسان نمواً متكاملاً، وتربية السلوك الموازي لتربية الجسد عن طريق التمثل بصفات الأخلاق الإنسانية والانضباط ومشاعر الصداقة وقبول الخسارة والتعاون، وتشجع على التسامح والتفاهم وتبعث على السرور والترويح والتعبير عن الذات، مما يخفّف من مظاهر العنف لدى الطلبة وفرط النشاط.

ويرى مختصون نفسيون أن الرياضة تعدّل الحالة المزاجية والقدرة على مساعدة الآخرين، وخاصة بين مرضى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، لافتين إلى أهمية وفوائد الرياضة ودورها في تنشيط الذاكرة وتحصيل المزيد من المعلومات، وتعزيز الصحة النفسية.

متابعة ميدانية

رئيسُ الدائرة الرياضية في وزارة التربية بشار زريقة أكد على متابعة عمل الموجّهين الاختصاصيين والتربويين الرياضيين ومعاهد التربية الرياضية بالميدان التربوي، وتقييم أداء عمل مدرّسي التربية الرياضية، بحيث يتمّ تعزيز الأداء الجيد ونقاط القوة لديهم وتدارك نقاط الضعف عبر عدة إجراءات متسلسلة، مشيراً إلى أهمية الجولات والمتابعة الميدانية ودراسة التغذية الراجعة من الميدان ومتطلباته واحتياجاته بما يضمن حسن سير العملية التعليمية.

وتطرق زريقة إلى الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية لضمان تدريس مادة الرياضة من خلال التأكيد على ملء شواغر التدريس من المدرّسين والمدرّسات للتربية الرياضية من داخل الملاك، إضافة إلى تكليف مدرّسين ومدرّسات من خارج الملاك وذلك لسدّ النقص، أو تكملة نصاب مدرّسين لمواد أخرى في المدرسة ذاتها، وذلك لتخفيف الأعباء عليهم من التنقل إلى مدارس أخرى لاستكمال نصابهم المحدّد.

1200 متقدم

ولم يخفِ زريقة النقص الكبير في عدد مدرّسي التربية الرياضية على مستوى المحافظات، مشيراً إلى ضعف الإقبال على المعاهد الرياضية، مبيناً أن عدد المتقدّمين إلى المعهد الرياضي على مستوى المحافظات بلغ هذا العام 1200 متقدم ومتقدمة فقط، مشيراً إلى أنه في عام 2010 تقدم إلى معهدي الرياضة في دمشق وحدها 1200 متقدم ومتقدمة، عازياً الأمر إلى الظروف المعيشية ورغبة الطلاب بالبحث عن اختصاصات أخرى.

وكشف زريقة عن إحداث، هذا العام، اختصاص “شعبة الانضباط المدرسي” ملتزم بالتعيين، ليكون إضافة حقيقية للمدارس بشكل عام ومساهماً في سدّ شواغر حصص الرياضة، موضحاً أن الوزارة حدّدت العدد المطلوب لهذا الاختصاص بـ50 طالباً وطالبة، حيث يدرس الطالب سنتين ضمن معهد إعداد المدرسين ويعيّن بعد تخرجه كملتزم مما يدعم العملية التربوية.

يُشار إلى أن عدد معاهد إعداد المدرّسين “اختصاص الرياضة” على مستوى المحافظات يبلغ 7 معاهد موزعة في دمشق وحلب ودير الزور وحماة.