الذرة محصول رابح للفلاح.. وتأمين المجففات في مقدمة الأولويات
دمشق – محمد العمر
لعلّ تحقيق الفلاح الأرباح الجيدة من محصول الذرة، في المواسم الماضية، هو ما يدفعه إلى الإقبال على هذه الزراعة، خاصة وأن تكاليفها من حيث مدخلات الإنتاج تعتبر أقل من غيرها، وهذا ما تبيّن من خلال توجّه الفلاحين سنوياً للتوسّع بزراعتها والاهتمام بها تناسباً مع الأسعار الجيدة اليوم في الأسواق.
عدد من الفلاحين أكدوا لـ “البعث” أن أسعار الذرة في المواسم الماضية كانت مجزية والأرباح جيدة، على الرغم من ارتفاع تكاليف الزراعة ووصول أجور فلاحة الهكتار الواحد إلى مليون ليرة، وقيمة بذار الذرة إلى 2 مليون للهكتار، ورش المبيدات مليون ليرة، والأسمدة 3 ملايين ليرة، والحصاد والتعبئة والأكياس بحدود مليون ليرة لإنتاج الهكتار الواحد، لكن هذا كلّه أمام الحسابات الأخرى للمحاصيل الزراعية يعدّ أمراً بسيطاً مقارنة مع التكاليف الباهظة لمحاصيل الخضراوات والأشجار المثمرة والتبغ وغيرها، ناهيك عن أن المؤسّسة تبدي استعدادها لشراء المحصول سنوياً، وهي تشجّع الفلاحين على التوسّع بزراعة الذرة الصفراء نظراً لأهميتها الاقتصادية ولكونها مادة رئيسية لقطاع الدواجن.
وأشار الفلاحون إلى أن هذا الأمر خلق اعتماداً كبيراً على محصول الذرة المحلية والتخفيف قدر الإمكان من المستوردة، بعد أن بلغ الإنتاج منها خلال العامين الأخيرين نحو 500 ألف طن، علماً أن حاجة سورية السنوية من المادة تصل إلى نحو 900 ألف طن وتوفير مئات الملايين من القطع الأجنبي.
مدير مؤسّسة الأعلاف، عبد الكريم شباط، أكد أن موسم الذرة لدى الفلاحين بات من المواسم الرابحة مع تكاليف إنتاجية تعتبر مقبولة نوعاً ما، وأصبحت المؤسسة لديها الإمكانية لتأمين كل احتياجات القطاع العام من الأعلاف، في حين أن التوزيع للقطاع الخاص يتمّ بناءً على توافر المواد، مبيناً أن المخازين المتوافرة لدى مستودعات المؤسسة من كل المواد العلفية جيدة، وتقدّر بحدود 140 ألف طن، وأن الاعتماد على الذرة المحلية قد بات كبيراً، مما خفض من كميات الاستيراد إلى النصف تقريباً، حيث إن حاجة السوق 900 ألف طن، والعام الماضي كان هناك أكثر من 500 ألف طن سنوياً.
وأوضح شباط أن ما يميّز الذرة الموجودة في المؤسسة أن مواصفاتها أعلى من مواصفات الموجودة في السوق، مضيفاً أن سعر كيلو الذرة المستوردة في المؤسسة 5100 ليرة، وفي المحافظات عدا دمشق الكيلو بحدود 5000 ليرة. وبيّن أن مؤسسة الأعلاف هي مؤسسة اقتصادية خدمية، وما يهمّها بشكل أساسي توفر المواد لديها ووجود مخزون ورصيد كافٍ منها، ولو كانت أسعار المواد العلفية لدى المؤسسة أعلى من أسعار السوق، علماً أن المؤسسة رابحة، ولكن مع ذلك فإن أرباحها قليلة وذلك لدعم المربين والتدخل إيجابياً في الأسواق، لأن أي رفع أسعار في المؤسّسة مهما كانت نسبته يلحقه ارتفاع كبير بالأسعار لدى القطاع الخاص، لافتاً إلى وجود نيّة هذا الموسم لعدم رفع السعر للأعلاف، فمن الممكن أن تحدث تقلبات في الأسعار في السوق وترتفع في أي لحظة، في حين تبقى أسعار المؤسسة ثابتة بالتوازي مع وجود الرصيد الكافي من كل المواد العلفية، وهذا يعتبر مؤشراً إيجابياً.
ولفت شباط إلى أن أسعار الذرة انخفضت بشكل ملحوظ وكبير في الفترة الأخيرة، ووصلت إلى حدّ مناسب للمربين، خاصة وأن الأعلاف في السوق ليست بالكامل مستوردة، إذ منها إنتاج محلي ومنها مستوردة، وتختلف أسعار مبيعها في السوق وفق مواصفاتها، ولا يمكن الحكم على أسعار المواد العلفية إن كانت مناسبة أم غير مناسبة إلا من خلال مطابقتها للمواصفات.
خبراء بالزراعة أكدوا اليوم أن الذرة بعد اعتمادها كمحصول أساسي في الخطة الزراعية للموسم القادم، فإن هذا المحصول قد بات أحد مكونات برنامج إحلال بدائل المستوردات للخطط القادمة، نتيجة أهميته في تنمية القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من جهة، وكونه أصبح من المواد الأساسية الداخلة في تركيب الخلطة العلفية، وأشاروا إلى أن ما يتمناه الفلاح اليوم أن يكون موسم الذرة الصفراء هذا العام ليس كسابقه، وخاصة من حيث تأمين المجفّفات للذرة الصفراء العلفية، التي هي بيت القصيد بالمحصول وتهديد إنتاجه، في وقت لم تُحرك الجهات المعنية ساكناً لتوفيرها، فالمجففات تعدّ على أصابع اليد الواحدة في ظلّ غياب واضح لها.