اقتصادصحيفة البعث

بديهية ولكن!

حسن النابلسي

لا تزال أزمة مياه الشرب جاثمة بثقلها على معظم مناطق الجغرافيا السورية لاعتبارات عدة تتعلق بالدرجة الأولى بعدم التنسيق التام والدقيق بين وزارات  الكهرباء، والموارد المائية، والإدارة المحلية ممثلة بالبلديات، علماً أنه سبق أن ادعت هذه الوزارات ذلك خلال السنوات الماضية في أكثر من مناسبة!

نعتقد أن هذه الجزئية في حقيقة الأمر هي “بسيطة جداً” ويفترض ألا تكون كائنة بتاتاً مهما كانت الظروف حتى لو تعلقت هذه الظروف بتدني توريدات حوامل الطاقة وارتفاع أسعارها وانعكاس ذلك بالتالي على زيادة ساعات القطع الكهربائي، وإن كان لابد لها وأن تظهر لسبب ما، فلا يجوز ديمومتها واتساع رقعتها بهذا الشكل!

اعتبرناها “جزئية” لأنها لا تستلزم جهوداً استثنائية ورصد ميزانية ضخمة تثقل كاهل الحكومة، فكل ما تحتاجه بالفعل هو تنسيق بين ثلاث وزارات خدمية فقط، على أن يكون التنسيق مشروطاً بالجدية!

إن سوء تعاطي هذه الوزارات مع مسألة إيصال المياه بحدودها الدنيا إلى المواطن يعطي مؤشراً سلبياً على تعاطيها ليس مع أبسط حقوق المواطن فحسب، بل مع بدهيات يفترض عدم مناقشتها أبداً، فكيف سيكون حال تعاطيها إذاً مع القضايا والمشاريع الإستراتيجية (سدود – محطات طاقة – طاقة بديلة – مناطق ومدن صناعية.. إلخ)!

وإذا ما اعتبر البعض أن تدني كميات حوامل الطاقة هي المعضلة الحقيقية التي تحول دون حلها، نؤكد وبالفم الملآن أن الشوارع الرئيسية والفرعية تزخر بها أمام الرقيب والحسيب هذا أولاً!

أما ثانياً: إن كان هناك قلة بهذه المشتقات النفطية، فيفترض أن يكون لدى الحكومة أولويات لانسيابها في كل القطاعات، ويفترض أيضاً أن يكون إيصال مياه الشرب على سلم الأولويات، لا أن يترك المواطن لقمة سائغة تدفعه “مجبراً لا بطلاً” لتخصيص مبلغ مالي أسبوعياً لا يقل عن 70 ألف ليرة لتأمين ما يلزمه من مياه، في ظل ظرف معيشي صعب لم يعد يخفى على القاصي والداني!

نخلص إلى نتيجة يظهرها واقع الحال، مفادها أن التنسيق بين هذه الوزارات لا يتعدى الإعلام فقط، فهو “0%” على الأرض، وإن حصل لا يخدم سوى مصالح فئة ضيقة على أخرى كبيرة!