في تطعيم التّصريح..
نجوى صليبه
من وحي إدارة النّدوات الثّقافية
درجت العادة في غالبية المراكز الثّقافية على اختيار شخصية أدبية أو إعلامية لإدارة النّدوات التي تقيمها بشكل دوري، أمّا آلية التّنسيق فصارت معروفة للجميع.. يتّصل مدير المركز مع الشّخصية التي انتقاها لهذه المهمة الصّعبة، ونقول صعبة لأسباب عدّة، أوّلها ضرورة إلمام مدير النّدوة بموضوعها، وثانيها تمتّعه بشخصية قادرة على ضبط النّدوة وتوزيع الوقت بعدالة بين الضّيوف، بحيث لا يخجل من مقاطعة ضيف يسترسل بالحديث وكأنّما لا أحد غيره على المنصّة، وقدرته على إعادة دفّة الحوار والمحاور إلى مسارها النّظامي في حال أحبّ ضيف آخر الخروج عن المحور الأساس وأراد إثبات ذاته أكثر ولم يستمع إلى رجائه الالتزام بالنّص.. لكن للأسف كثير من مديري الجلسات والنّدوات الثّقافية والأدبية لا يجيدون ذلك، وكثير من الضّيوف أيضاً لا يجيدون الالتزام بالوقت والنّص والمحور، وغير قادرين على تقبّل أن يطلب منهم أحد ذلك، ولاسيّما إن كانت مديرة ندوة لا مدير، هنا يظهر بعض المثقفين والأدباء مخّه الشّرقي السّلبي الذي يرفض أن تقاطعه “امرأة” أو تنبّهه إلى الوقت، وللأسف الشّديد نسبة لا بأس فيها من المثقفين ما تزال تعامل الأديبة والإعلامية والمثقفة بازدواجية كبيرة، فهي جميلة ومميزة وفهيمة وعاقلة وقارئة ومهذبة ولبقة ومهنية، ونقف عند المهنية كثيراً، لأنّ المثقّفة في نظر البعض مهنية جدّاً ولا غبار على ذلك وشهادتهم فيها مجروحة، طالما أنّها بعيدة عنهم وعن مصالحهم الضّيقة، أمّا عندما يقولون شيئاً أو يفعلون شيئاً غير مهني في هذه النّدوات، وترفضه فهي عكس ذلك تماماً، أقول هذا من وحي إحدى النّدوات التي وعلى الرّغم من إعلان مديرة الجلسة عن انتهائها، أصرّ أحد الضّيوف على متابعة حديثه ودفاعه عن نفسه بصوت مرتفع، مجادلاً أحد الحضور الذي صحّح معظم المعلومات التي قدّمها.
في تطعيم التّصريح
في كلّ مرّة يشارك فيها ممثلاتنا وممثلونا في مهرجانات فنيّة عربية أو حتّى عروض أزياء أو أيّاً كانت المناسبة -ولاسيّما الذين اشتغلوا في مسلسلات معرّبة-، “يبدع” البعض في لفت النّظر بطريقة فظّة ومصطنعة، تحديداً أثناء المقابلات التّلفزيونية، إذ “يبهرنا” بتحوّلاته التي لا نظير لها، ولن نقع في فخ الأسماء، لكن سنتحدّث عن ممثلتين طعّمتا تصريحيهما بكلمات إنكليزية، أمّا الأولى فواضح أنّها أرادت التّعبير عن معرفتها بالّلغة وضرورة “تمريق كم كلمة” لكي يعرف المقابل لها أنّ لغتها الثّانية جيّدة، وأمّا الثّانية فثلاثة أرباع حديثها باللغة الإنكليزية، في إشارة منها إلى أنّها تتقن اللغة جيّداً وتمارسها بشكلٍ يوميّ وأيّاً كانت الأسباب والدّوافع، نقول إنّ اللهجة السّورية التي انتقلت عبر الدّراما السّورية المحلية -ومن ثمّ الدّراما المدبلجة- إلى معظم البلاد العربية -إن لم نقل كلّها- هي جواز سفر لكلّ فنّان سوري، سواء أكان ممثّلاً أم مغنياً أو غير ذلك.
بين المقالة والدّراسة
يحاول بعض الباحثين خوض غمار الكتابة الصّحفية، لكن للأسف لا يفرّق بين المقالة في الصّحيفة اليومية والدّراسة التي تنشر في المجلات المتخصّصة والتي في غالبيتها شهريّة أو موسميّة أو ربّما سنويّة، ثمّ يعتبون على الصّحيفة اليومية لعدم نشر دراستهم أو بحثهم المطوّل، أو الاختصار منه، أمّا البعض الآخر فيصرّ على تقديم دراسته التي قدّمتها في ندوة أدبية أو أمسية شعرية على أنّها مقالة وأنّها لم تنشر سابقاً من باب أنّه لا يريد أن تذهب سدىً من دون مبلغ مالي آخر غير ذاك الذي أخذه من المركز الثّقافي أو أصحاب النّشاط، ونحدّد هنا القراءات التي يقدّمها البعض في حفلات توقيع الكتب، مع العلم أنّه بمقدور هذا الأديب الفذّ كتابة دراسة أخرى ونشرها في المجلات المتخصّصة ولاسيّما النّقابية منها، لكن للأسف الشّديد نكرر القول إنّ الأخلاق المهنية وأدبياتها -عند البعض- صارت في خبر كان.