ثقافةصحيفة البعث

“أهل الزيتون” وشهادات عن كارثة الحرائق وإرادة الصمود

اللاذقية ـ مروان حويجة

يوثّق فيلم “أهل الزيتون” للمخرجة غصون ماضي، العلاقات العميقة الوطيدة التي تربط الإنسان بالأرض بكل ما تكتنزه من خير واخضرار وجمال، ويقدّم الفيلم هذه المشهدية الرائعة، مستلهماً القيمة السامية لها من إرادة الشعب السوري وثباته وصموده في وجه كل المحن، ومنها الحرائق التي ترخي بظلالها على الغطاء الأخضر، وفي مدار وحنايا هذه الروح المفعمة بالإرادة والحياة.

وعرض الفيلم في صالة المكتبة المركزية بجامعة تشرين، بدعوة من الفرقة الثانية بالشعبة الحزبية الثالثة في جامعة تشرين، وبتعاون مع مكتبي الشباب والإعداد الفرعيين، وفرع الاتحاد الوطني لطلبة سورية في الجامعة، وبإبداع فنّي توثيقي لافت ومميّز، إذ أضاء على صمود الشعب السوري وإصراره على النهوض على الرغم من كل الشدائد والمحن، وقدّم العديد من حكايا وقصص الإرادة ومعاودة النهوض لعائلات تضررت بالحرائق الكارثية، وأحالت الألم إلى قوة واليأس إلى أمل بروح الثبات والتصميم والإرادة، وتجلّت هذه الروح والإرادة في شهادات حيّة ومشاهد موثقة جليّة، أبرزها الفيلم الذي استعرض الحرائق الضخمة التي التهمت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والحراجية في مناطق عديدة من ريف اللاذقية في عام ٢٠٢٠، وما خلفته هذه الحرائق من أضرار جسيمة، ويصوّر الفيلم ببراعة وإبداع فداحة الكارثـة، وتداعيات الحريق الضخم، ما يعكس الجهد الكبير للمخرجة المبدعة غصون ماضي التي أجرت تحقيقاً وبحثاً موسعاً عن عائلات وأشخاص تعرَّضوا لأضرار كبيرة من جرّاء الحريق، وقد وقع الاختيار على عدد من الحالات التي تشكّل بمجموعها رواية متكاملة عن هذه الحادثة الأليمة.

وما يميّز  فيلم “أهل الزيتون” أنّه صُوّر على مدى عامين كاملين، وهذا ما هدفت إليه المخرجة منذ البداية حيث لم تشأ أن تسلّط الضوء فقط على الكارثة وتداعياتها المباشرة، بل أرادت أنْ ترافق أبطال الفيلم الوثائقي، بدءاً من حدوث الكارثة مروراً بالتحديات والصعوبات التي سيواجهونها، وصولاً إلى مرحلة النهوض ومتابعة الحياة من جديد بإرادة وعزم وتصميم.

وتجدر الإشارة إلى أنّ “أهل الزيتون” تصوير عبد الرحمن شاهين، ويعرب كنعان، ومونتاج حمزة قزويني، ومنتج منفذ فتحي نظام، ويقدّم توثيقاً دقيقاً لمراحل التعافي وإرادة الحياة لدى السوريين، مبرزاً التمسك القوي بالأرض، التي تتعدى كونها مصدر رزق لتصبح رمزاً للهوية والإرث الغني الذي يحرص الأهالي على استمراره عبر الأجيال، من خلال إعادة زراعتها والعناية فيها بعد تنظيف آثار الحرائق.