أربعائيات.. وماذا بعد؟
مهدي دخل الله
يبدو أن العالم يزداد تطلعاً إلى ولادة الدولة الفلسطينية التي طال انتظارها، وتمّ تقديم عشرات الآلاف من الضحايا من أجلها. كفاح الشعب الفلسطيني المعجزة، وصمود سورية ورفضها أي حلّ لا يوافق عليه الشعب الفلسطيني، وتصدي المقاومة لبرامج الإلغاء الصهيونية، كل هذا أدّى إلى اعتراف العالم بضرورة خروج المولود الجديد إلى الحياة باعتباره حاجة ماسة للسلام في المنطقة… والعالم.
عدد مهمّ من دول الناتو -ذاته- اعترف بالدولة الفلسطينية، كما أن الرأي العام في دول الهيمنة -ذاتها- يضغط باتجاه الولادة المنتظرة لشعب ما فتئ يناضل ويضحي منذ ثمانين عاماً بلا كلل أو ملل.
حتى أن بلينكن وزير خارجية أمريكا -ذاته- أكد في الوثيقة التي قدّمها لمجلس الأمن، في 27 تشرين الثاني العام الماضي، على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحصوله على دولة تامة -لا حظوا مصطلح تامة-، وقد تنبّت هذا الموقف مجموعة الدول السبع (G7) بكل وضوح.
عملياً، يقف نتنياهو في وجه العالم كله، وللأسف، ليس لدينا قادة كبار في أمريكا وأوروبا ليقولوا له “كفى!”، كما فعل أيزنهاور عام 1956، ونيكسون عام 1974. يفتقد العالم اليوم قادة مثل ديغول وكندي وأيزنهاور وويلي براندت وتشرشل وغيرهم. الغرب يقوده رؤساء أقل من عاديين للأسف، أما في الجهة المقابلة، جهة النظام العالمي الجديد، فهناك قادة تاريخيون فعلاً: بوتين والأسد ومادورو..
نتنياهو يستمد قوته من ضعف زعماء الغرب (أوروبا وأمريكا)، لكن ضعفه يأتي من قوة قادة حلف الاستقلال الواسع. هذه هي الحالة اليوم! وقد يذهب هذا الصهيوني إلى خيار مجنون بأن يحاول اجتياح سورية من الجنوب، بالتنسيق مع الإرهاب وحماته في الشمال، حيث تضطر سورية لحشد قواتها جنوباً في وجه العدو الصهيوني، ويحاول الإرهابيون احتلال حلب، خاصة وأن الإسرائيليين يعلنون صراحة عن تنسيقهم مع إرهابيي الشمال من أجل تنفيذ هذا الاحتمال الخطير.
كلّ هذا يؤكد أن سورية “بيضه القبان” الوحيدة. ولا وجود لأي دولة في المنطقة غير سورية لها هذا الوضع، فإيران بعيدة جغرافياً، ولا يحتلّ جزءاً من أرضها محتل، ولا تعاني من الإرهاب المسلح. أما المقاومة في لبنان والعراق فهي ليست دول بالمعنى القانوني- السياسي، وإن كان دورها مهماً في هذه المعركة المصيرية.
نحن ما زلنا في دائرة الخطر، لكن نتنياهو يعلم مع من يتعامل، فدمشق ليست حجراً على رقعة شطرنج، إنها الدولة الشعب الجيش القيادة، ومعها حلفاء موثوقون.. ولادة الدولة الفلسطينية وإن كانت آلامها صعبة، إلا أن الوليد لا بدّ من أن يخرج من رحم الألم في النهاية.