“نادي للضحك”… تراجيديا بامتياز
أمينة عباس
لا تبدو المشاركة في احتفالية أيام الثقافة السورية بالنسبة للمخرج المسرحي مهند زيداني القادم من مسرح قومي مدينة حماة أمراً عادياً من خلال استضافة مديرية المسارح والموسيقا لعرضه المسرحي “نادي للضحك” لتقديمه على خشبة مسرح القباني، حيث يعبّر زيداني عن سعادته بهذه الاستضافة قائلاً: “شرفٌ كبير لي أن يُقدَّم عرضي بهذه المناسبة على خشبة مسرح القباني التي يعرف الجميع أهميتها في سورية، وهذا ما يحمّلني عبئاً كبيراً وأتمنى أن يكون العرض قد نال الرضى لمن تابعه من جمهور دمشق”.
العرض من نوع الديودراما، حيث يشارك في التمثيل إلى جانب المخرج الممثل محمد تلاوي، والعرض يحمل العديد من الرسائل التي لا يفضّل زيداني الحديث عنها عادةً ليتلقاها كل فرد من الجمهور حسب فهمه لمجريات الأحداث، لكنه وافق على البوح بإحدى تلك الرسائل: “إن تغيير المفاهيم والرؤى بشكل سريع قد يخلق منك روحك الشريرة التي ستقتلك في النهاية”.
يؤكد العرض أنه لا يمكن أن نحكم على أي كتاب من غلافه، ولا نخفي أن عنوان المسرحية “نادي للضحك” جعل بعض القادمين لحضوره يظنّ أنه سيشاهد عرضاً كوميدياً، لكنهم تفاجؤوا أنه بعيد كل البعد عن الكوميديا، ويضيف زيداني قائلاً: “أحب في عروضي أن أطرح المشكلات من دون التطرق للحلول، حيث أترك للمتلقي أن يختار الحلّ الذي يناسب رؤيته للمشكلة المطروحة، وهذا برأيي يوسّع دائرة الحوار والجدلية حول العرض ليجعل منه عرضاً قابلاً لأن يُشاهَد أكثر من مرة لمعاودة التفكير به”.
استند العرض على نصّ للكاتب العراقي عمار نعمة جابر الذي تربطه بالمخرج صداقة افتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “بعد قراءتي للنص الذي استحوذ على فكري طلبتُ منه الإذن بإخراج النص، وكان لي هذا، مع الإشارة إلى أن ما جذبني لهذا النص بالذات هو ما يحمل من مدلولات وتعدّد لقراءات النفس البشرية الواحدة، وهذا يثير اهتمام المخرج ليبدع في معالجة هكذا نص وتجسيده على الخشبة، مع تأكيدي أن أي نص مسرحي لديه رسالة يريد المؤلف أن يوصلها للقارئ، وفي الوقت ذاته هناك رؤية ورسائل للعرض المسرحي من اختصاص المخرج وقد تختلف قليلاً عن رسالة المؤلف، لكن لا تؤثر على رؤيته بل تأتي مكملة لها من خلال الصورة البصرية، ومن هنا كان لي التصرف ببعض المشاهد من النص الأساس لتخدم رؤيتي كمخرج وذلك واضح لمن يقرأ النص الأساس ومن ثم يشاهد العرض”.
لم يسعَ زيداني كمخرج من خلال عرضه الاتكاء كثيراً على العناصر الفنية انطلاقاً من إيمانه بضرورة التركيز على وصول رسالة العرض لكل المتلقين: “أرى أن الإفراط في السينوغرافيا تشتيت للمُشاهد لينبهر بالصورة ويبتعد عن الفكرة، وبالنسبة إلي فالأمر الأكثر أهمية هو أن تصل الرسالة التي أريدها، لذلك أركز دائماً على الفكرة لا على الصورة التي أقدّمها بمقدار خدمتها للفكرة والنص لقناعتي بأن المسرح من أكثر المنصات الإعلامية أهمية لا الإعلانية، وهو رسالة مهمة جداً أكثر من أن يكون فرجة”.
يُذكَر أن “نادي للضحك” عُرض للمرة الأولى على خشبة المركز الثقافي العربي في حماة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح 2024 ولاقى استحساناً من الجمهور، ما جعله مرشحاً للعرض مرة ثانية على خشبة المركز الثقافي بمدينة مصياف في مهرجان مصياف المسرحي، وكان محطّ الأنظار والحوار، ما جعله مرشحاً للمرة الثالثة لتقديمه في احتفالية أيام الثقافة السورية على خشبة مسرح القباني بدمشق.
ولا ينهي مهند زيداني حديثه قبل توجيه التحية إلى من كانوا شركاء في نجاح العرض، وهم الممثل محمد تلاوي، وعماد الدين شاقوقة- مكياج، وم. حسام زيداني- صوت، ومحمد زيداني- ملابس، شاكراً مسرح حماة القومي الذي أتاح له فرصة إنجاز هذا العرض، كذلك مركز الرعاية الفرنسيسكاني بحماة وعلى رأسه الأب إسكندر بديع الترك على دعمه المتواصل له في جميع الأعمال التي قدّمها.