صحيفة البعثمحليات

رد الجميل

بشير فرزان

وحدة البلد كانت وما زالت نقطة اتفاق بين جميع أبناء سورية الذين آمنوا بانتصارهم رغم ضخامة التحديات وشراسة المعركة التي لم تستطع ثني العزيمة والإرادة الشعبية رغم سنواتها الطويلة. واليوم، مع ما تشهده العاصمة الصناعية، حلب، من أحداث متسارعة، لا بدّ من التأكيد على عدم الاستسلام لفكرة العجز أو عدم القدرة على تغيير المستجدات المؤلمة، لتكون قاعدة للانطلاق نحو المرحلة الجديدة والتاريخية المنتظرة، والتي يترقبها الناس. كما أن هناك اتفاقاً على أن المحنة التي دخلت البيوت الحلبية بقوة الإرهاب، وضربت كما ضربت في سنوات الحرب الطويلة، كلّ مقومات حياته، إلا أنها لم تستطع إيقاف عجلة الحياة سابقاً، ولن تستطيع فعل ذلك الآن بوجود إرادة شعبية لا تنكسر، وبجهود حكومية مكثفة لتعزيز حالة الصمود التي كانت، وستبقى السلاح الأقوى على امتداد الجغرافية السورية.

إن الواقع الحالي بقرض شكلاً جديداً من منظومات العمل المؤسّساتي وبشراكة حقيقية مع المجتمع الأهلي، بكل فعالياته النقابية والتجارية والثقافية والاجتماعية، لتسريع وتيرة الانتصار، فالبلد بأمسّ الحاجة لهذا الفعل الجماعي وبتعبير وتوجيه حكومي، ويجب أن يكون هناك استنفار لكافة مكونات المجتمع السوري واستثمار فعلي للإمكانات الموجودة للتخفيف من المحنة التي أصابت أهالي حلب، ولا بدّ من خطط إسعافية للتعامل مع الذين غادروا مدينة حلب اتقاءً لشر الإرهاب ومجموعاته المجرمة الانتقامية، وتحقيق ذلك يستدعي سلسلة من القرارات التي تساعدهم على تجاوز كافة الصعوبات لحين عودتهم إلى بيوتهم وأعلام النصر ترفرف في سماء مدينتهم، وسيكون ذلك قريباً جداً مع ما تشهده ساحة المعركة من تقدّم لأبطال الجيش العربي السوري.

لقد أثبت المجتمع السوري في كلّ الأزمات والمحن وحدته وثباته في وجه كلّ ما يتعرّض له من هجمات بربرية همجية، وكان دائماً كالجسد الواحد، كما أن القاصي والداني يعلم أن البيوت السورية استضافت كلّ الأشقاء وكانت الملاذ الأمن لهم، وفي أيام الحرب جمعت بين جميع أبناء المحافظات برابط الأخوة والوطنية، ولذلك نحن على يقين تام بأن الأيام القادمة ستكون عامرة بالكثير من المبادرات للتخفيف من معاناة أهالي حلب الذين لم يبخلوا بدمائهم وأموالهم في سبيل أبناء بلدهم، وكانوا على مرّ التاريخ جنوداً حقيقيين في ميادين الدفاع عن وطنهم وفي ساحات البناء والإعمار، وكانوا من خلال مدينتهم الصناعية والحرفية كالشريان الاقتصادي الذي يمدّ كل المحافظات السورية بمستلزمات الحياة، ونحن على ثقة تامة بجاهزية المجتمع السوري بكافة فئاته لتقديم يد العون للحلبيين، وردّ الجميل لمن صان الأمانة وصنع مقومات الحياة واستبسل لتبقى راية البلد حفاقة بكلّ عزة وإباء.