اقتصادصحيفة البعث

سقوط معادلة العرض والطلب!

قسيم دحدل

نكاد نجزم أن معادلة العرض والطلب المؤثرة في إحدى عواملها بعملية التسعير وتحديد السعر لأي مُنتج أو سلعة بشكل عام، سقطت من الأسواق، إذ تؤكد آليات السوق أن أي فائض في الإنتاج لن يؤدي إلى خفض السعر، بل ربما يزيد، وهذا أمر غريب في علم الاقتصاد!

قضية تدلل على أن هناك خللاً ما، ومع ذلك لم نجد أية محاولات جديدة لتصحيح هذا الغريب الذي أضحى واقعاً مسلماً به من قبل الجهات المعنية..!

ولعل خير مثال على ما أسلفنا هو زيت الزيتون، حيث بقي سعر “التنكة” أو “البدون” منه “سعة 16 ليترا” 250 آلاف ليرة وسطياً في موسم 2022، علما أن الإنتاج للموسوم المذكور بلغ نحو 70 ألف طن، والمفارقة أنه ومع دخولنا موسم 2023 وتوقعات وزارة الزراعة أن يكون الإنتاج وفيرا فيه ويصل لنحو 125 ألف طناً، إلاَّ أن الأسعار لم تنخفض رغم أن هناك كمية مخزنة منه من الموسم السابق، أي أن إجمالي الكمية قد تصل لـ 150 ألف طن..!

هذا هو الواقع الآن، ومع ترقبنا لمؤشر السعر للمادة بعد فتح باب التصدير لها بحجة وجود فائض كبير من المادة في الأسواق، نجد أن الأسعار لا تزال على حالها وإن عمليات البيع للمادة شبه متوقفة لارتباط ذلك بعمليات ما بعد العصر ودخول التجار على الخط، وعند ذلك سنعرف توجهات الأسعار: استقراراً أم صعوداً.

في ضوء هذا المشهد غير المفهوم، يلفت الانتباه أيضاً ما أشار إليه وزير الزراعة من أنه “على الرغم من كل القرارات المتعلقة بالسماح بالتصدير ومنعه إلا أن سعر المادة بقي كما هو”، وهنا نتوقف حول هذا المُعطى المُحير فعلاً، والتساؤل” لماذا لا تذهب الأسعار إلى الهبوط؟ وما أسباب استقرارها النسبي؟!

في كل ما تقدم، ما يهمنا هو أن تنخفض أسعار المادة، ومع أن النتائج السعرية الماضية والحالية لم تش بتغيرات واضحة – سواء في حال كان هناك فائض أو قلَّة في المادة – فالسؤال الذي يفرض نفسه” لماذا لا تعمل الحكومة، ممثلة بوزاراتها المعنية بالإنتاج والأسعار، على خفض سعر المادة على الأقل في السوق المحلية؟، ولعل أولى خطوات ذلك أن يكون هناك سعران: سعر تصديري تُستجر به المادة من المُنتج مباشرة وهو الفلاح والمزارع، وسعر آخر محلي للسوق الداخلية.

قبل هذا وذاك، وفي ضوء الأسعار الحالية التي لا تتناسب أبداً مع القدرة الشرائية لشريحة عظمى من المجتمع السوري، الأمر الذي أدى لعزوفها عن شراء مادة زيت الزيتون، وكان من نتائج هذا العزوف تحقيق فائض في المادة (وليس لسبب آخر)، ورغم ذلك لم تهبط الأسعار، ولأجل الهاجس الأهم والأكبر للمستهلك وهو خفض الأسعار، نقترح دعم طرفي العملية: الأول والنهائي، أي المُنتج والمستهلك (وليس للوسطاء فيها من تجار ومصدرين)، على أن يكون الدعم مباشراً بمعنى خفض تكاليف زراعة الزيتون وإنتاجه من جهة، ومن جهة أخرى تحمل الدولة مسؤولية تدخلها المباشر كي يحصل المستهلك على مادة بسعر يتناسب مع مقدرته الشرائية وقوة ليرته، وهذا يمكن أن يقاس على العديد من المنتجات والسلع.

Qassim1965@gmail.com